الأربعاء, ديسمبر 10, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderنهاية هيمنة الدولار!

نهاية هيمنة الدولار!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| ناديا الحلاق |

شهدت الأشهر الماضية تحولاً ملحوظاً في سياسات الاحتياطيات لدى البنوك المركزية حول العالم.

بعد عقود من الهيمنة الدولارية المطلقة، باتت المؤسسات المالية تتجه تدريجياً إلى تنويع أصولها بعيداً عن العملة الأميركية.

وفي خضم هذه الديناميكية الجديدة، يبرز الذهب واليورو واليوان الصيني كخيارات احتياطية أساسية، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل النظام النقدي الدولي وانعكاس ذلك على الاقتصاد العالمي.

منطق الهيمنة وشرخ الثقة

منذ اتفاقات بريتون وودز (1944)، شكل الدولار الأميركي العمود الفقري لاحتياطيات النقد الأجنبي، مستفيداً من ثقة الأسواق الدولية في الاقتصاد الأميركي واستقراره السياسي.

غير أن العقوبات الاقتصادية والسياسات التحفيزية الضخمة التي انتهجها الاحتياطي الفيدرالي عقب الأزمة المالية العالمية ومرحلة التعافي من جائحة كورونا، أطلقت مخاوف بشأن التضخم وتآكل القوة الشرائية للدولار.

وفي ضوء هذه المخاوف، بدأ البحث عن دروع وقائية لا تخضع للقرارات السياسية الأميركية.

الذهب: عودة إلى الملاذ الآمن

وسجل الذهب ارتفاعاً غير مسبوق في الفترة الأخيرة، بدعم من عمليات التحوط التي تقوم بها البنوك المركزية. فقد أظهرت تقارير دولية أن أكثر من ثلث هذه المؤسسات تخطط لزيادة مخصصاتها من الذهب خلال العقد المقبل، وهو أعلى مستوى منذ خمس سنوات، كما ترجح تقديرات واسعة أن ثلثيها سيواصلون تعزيز حيازاتهم على مدى الخمس سنوات المقبلة.

ومع تنامي دور الذهب كوسيلة للتحوط، بات المعدن الأصفر الخيار الأول للدول التي تسعى لحماية احتياطياتها من تقلبات العملة والسياسات النقدية الأحادية.

تنويع العملات: اليورو واليوان في المشهد

إلى جانب الذهب، نمت حصة اليورو واليوان كأصول احتياطية دولية. فقد أعلنت عدة مصارف مركزية عزمها رفع نسبتها من اليورو، فيما تشير التوقعات إلى احتمال مضاعفة حصة اليوان خلال العقد القادم. ويُعزى هذا التحول جزئياً إلى مزيد من قبول اليوان في أنظمة المدفوعات الدولية، رغم التحديات المتعلقة بسيولة الأسواق الصينية وعمقها المالي.

ويتضح من هذا الدعم المتزايد أن الدول لم تعد تقتصر على الملاذات التاريخية، بل تنظر إلى عملات الشركاء التجاريين كجزء من استراتيجية تحوط متكاملة.

آراء خبراء الاقتصاد

وينبثق عن ذلك توجه جديد رصين في آراء خبراء الاقتصاد، الذين يرون أن هذا التحول ينبع من تلاقي عدة عوامل: الاستخدام المتكرر للدولار كأداة للعقوبات يزيد من المخاطر السياسية المرتبطة بالاحتفاظ به، بينما تثير سياسات التيسير الكمي الضخمة في الولايات المتحدة مخاوف من التضخم المستورد.

في المقابل، يقدم الذهب حماية تاريخية ضد تقلبات العملة، ويعكس اليورو واليوان ثقة متنامية في قدرتهما على الصمود.

ويحذر الخبراء من أن هذا التغيير سيكون تدريجياً، ولن يؤدي إلى انهيار مفاجئ لهيمنة الدولار، بل إلى نظام نقدي أكثر تعدداً وتوازناً.

انعكاسات متعددة الأبعاد

أما على مستوى الأسواق، فيتوقع المحللون أن تنخفض حصة الدولار من إجمالي الاحتياطيات العالمية من نحو 58% إلى نحو 52% بحلول عام 2035، مما قد يزيد من تقلبات أسواق الصرف والسندات.

كما استفاد الذهب من هذه التحولات ليبلغ سعر الأونصة مستويات قريبة من 3500 دولار في الربع الثاني من 2025، مدعوماً بارتفاع الطلب التحوطي وشح الإمدادات.

ومن ثم، قد تُجبر هذه الضغوط الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على إبطاء وتيرة خفض الفائدة إذا أدى ضعف الدولار إلى تعزيز التضخم المستورد، ما يؤثر في وتيرة النمو الاقتصادي.

نحو نظام نقدي متعدد الأقطاب

ويرجح الخبراء أن العالم في طريقه إلى “نظام نقدي متعدد الأقطاب”، تجمع فيه قوة الدولار الأميركي مع الذهب والعملات الكبرى الأخرى، وربما تحظى الأصول الرقمية المدعومة بتقنيات البلوك تشين بحصة متزايدة مستقبلاً. وهذا التنوع سيعزز مرونة النظام المالي الدولي في مواجهة الأزمات، ويحد من مخاطر التركيز على أداة احتياط واحدة.

وفي المحصلة، التشبث بالدولار لم ينتهِ، لكنه يتراجع تدريجياً أمام بدائل تحوّطية قوية. ومع صعود الذهب واليورو واليوان، يكتب الاقتصاد العالمي فصلاً جديداً من التنوع والتوازن بعيداً عن القطب الواحد.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img