| زينب حمود |

عادةً ما يلجأ المسافر إلى محطة عبور (ترانزيت) عندما لا توجد علاقات ديبلوماسية أو رحلات مباشرة بين بلده ووجهته، أو عندما تكون المسافة بينهما طويلة.
إثر قرار منع هبوط الطائرات الإيرانية في مطار بيروت، بات اللبنانيون المسافرون إلى إيران مضطرين إلى الهبوط في العراق، متحملين تكاليف إضافية ومشقة غير مبررة، رغم القرب الجغرافي بين البلدين ووجود علاقات ديبلوماسية بينهما.
الأسباب سياسية بوضوح، رغم تأكيد وزيرة السياحة لورا لحود، في لقاء صحافي أخيراً، أن القرار «تقني» جاء بسبب صعوبات في ضبط عمليات التفتيش لمنع تهريب الأموال عبر الرحلات الإيرانية، مشيرة إلى أن السلطات لا تمتلك حالياً القدرة البشرية والتقنية اللازمة لإجراء تفتيش دقيق، ما دفع إلى منع هبوط الطائرات الإيرانية في انتظار إيجاد آليات رقابة أفضل.
غير أن اللافت أن أثر هذا القرار يقتصر على اللبنانيين الذين يسافرون إلى إيران، وليس على الإيرانيين القادمين إلى لبنان.
إذ يؤكد الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي أن «الثقل السياحي الإيراني في لبنان شبه معدوم منذ أكثر من عقد»، مرجعاً ذلك إلى الأزمات الاقتصادية في إيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، والحصار الأميركي، والحرب في سوريا التي كانت وجهة لحج الإيرانيين قبل توجههم إلى لبنان.
وأضاف بيروتي أن إغلاق المعابر البرية مع سوريا أدى إلى خسارة لبنان نحو 500 ألف سائح من جنسيات عدة، بينهم إيرانيون وعراقيون وخليجيون، إضافة إلى 200 ألف سائح أردني، مع تأثير على أعداد من السياح الأوروبيين الذين كانوا يدمجون لبنان وسوريا في برامجهم السياحية.
إذاً، المتأثرون بشكل مباشر هم اللبنانيون الذين يزورون إيران لأغراض دينية وعقائدية، ترتكز على زيارة مقام الإمام علي الرضا، حيث باتوا مضطرين إلى المرور عبر مطارات بغداد أو النجف، وفي حالات نادرة تركيا، مع ما يرافق ذلك من تكاليف مرتفعة وإرهاق شديد.
ويوضح مكتب «حملة الخليل لزيارة العتبات المقدسة» أن من يحملون جوازات سفر غير لبنانية يتم تحويلهم إلى شركات طيران أخرى مثل «العربية» و«القطرية» و«التركية».
وتشير زهراء حمود، التي عادت أخيراً من إيران، إلى أن تكلفة الطيران زادت بأكثر من 200 دولار مقارنة بالرحلات المباشرة، وأضافت أن المسافرين يعانون من طول الانتظار في مطارات لبنان والعراق وإيران، كما يفرض الطيران العراقي والإيراني حداً أقصى للشحن يبلغ 20 كيلوغراماً، وهو أقل من الوزن المسموح به في الرحلات المباشرة إلى إيران.
وتختلف تكلفة الرحلات بين مكاتب السفر، ولكنها ارتفعت من 350 دولاراً كحد أدنى إلى 850 دولاراً للرحلات العادية، وتصل إلى ألف دولار للرحلات الفاخرة، وترتفع إلى 1200 دولار إذا قرر المسافر قضاء ليلة في العراق. كما يعاني المسافرون من انتظار طويل في المطار، خاصة إذا تأخرت الطائرة الأولى مما يؤدي إلى فقدان الرحلة الثانية، بحسب «الحاج نورس» من «حملة محبي أهل البيت».
ويشير مكتب «حملة الخليل» إلى أن مطارات العراق غير مجهزة بشكل مناسب لمحطات الترانزيت، ما يزيد من مشقة نقل الحقائب بين الرحلات.
في ظل هذه الظروف، تراجع عدد المسافرين اللبنانيين إلى إيران بنسبة تراوح بين 30 و40 بالمئة، رغم قوة الدافع الديني لدى هذه الفئة. فيما تؤكد «حملة الخليل» أنه رغم هذا التراجع، فإن عدد الزوار إلى إيران «لا يزال كبيراً وفاق توقعاتنا حيال أثر قرار منع السفر بين البلدين».
من سوريا إلى بعلبك
إذا كانت الرحلات الدينية إلى إيران تراجعت، فتلك المتوجهة إلى سوريا توقفت تماماً بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد والإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها قوات الأمن الجديدة على دخول مقام السيدة زينب. أدّى ذلك إلى تضرر قطاع كامل كان يدير هذه الرحلات أسبوعياً، من أصحاب الحملات وسائقي الباصات الذين تحوّلوا إلى نقل طلاب المدارس وتنظيم رحلات سياحية داخلية أو كشفية «عالقطعة».
يركز أصحاب الحملات الكبيرة على العراق وإيران، بينما يحاول أصحاب الحملات الصغيرة التحول إلى السياحة الدينية الداخلية مع التركيز على بعلبك التي تضم مقام السيدة خولة، وكذلك الجنوب حيث توجد مراقد الأنبياء بنيامين وساري وسجد.
وانضم أخيراً إلى هذه الوجهات مرقد السيد هاشم صفي الدين في بلدة دير قانون النهر، إضافة إلى مرقد السيد حسن نصر الله في طريق المطار.
وبسبب استمرار سوء الأوضاع الأمنية جنوباً، انتعشت السياحة الدينية في بعلبك أكثر منها في الجنوب.
إذ يشير «الحاج نورس»، صاحب حملة «محبي أهل البيت»، إلى أن أعداداً كبيرة من الحملات تنظم زيارات لمقام السيدة خولة أسبوعياً، ما أسهم في انتعاش جزئي لأسواق ومطاعم مدينة بعلبك التي أنهكتها الحرب الأخيرة.
لكن هذا الحل لم يعوض بالكامل الخسائر الاقتصادية التي تكبدها أصحاب الحملات بسبب توقف الرحلات إلى سوريا. يقول الشيخ محمود حامد، صاحب حملة «السيدة المعصومة»، إنه نظّم رحلة واحدة إلى بعلبك شارك فيها 20 زائراً فقط، بينما تصل قدرة الباص الاستيعابية إلى 50 راكباً.
وبعد نشره إعلانات عدة لرحلات مماثلة، اضطر إلى إلغائها بسبب غياب العدد الكافي من الزوار.
ويعزو ذلك إلى سوء الأوضاع الأمنية في الجنوب وبعلبك، إضافة إلى قرب المسافات بين المناطق، ما يدفع السياح إلى زيارة هذه الأماكن بسياراتهم الخاصة.














