الخميس, يونيو 19, 2025
spot_img
الرئيسيةسياسةالمسيحية "الإثنا عشرية" في انتخابات العاصمة: الأولويات.. الخلفيات والتحديات!

المسيحية “الإثنا عشرية” في انتخابات العاصمة: الأولويات.. الخلفيات والتحديات!

spot_img
spot_img

| محمد محمود شحادة |

شهدت العاصمة بيروت في 18 أيار 2025 انتخابات بلدية واختيارية استثنائية من ناحية التحالفات والاقتراع والنتائج، ففي ظل غياب تيار “المستقبل” عن المشهد منذ 2022، جاءت الانتخابات البلدية للعاصمة اللبنانية كأول استحقاق بلدي واختياري بدون تيار “المستقبل” الذي كان يعتبر محدلة للأصوات في الانتخابات السابقة في بيروت.

غياب “التيار المعتدل” عن المشهد السياسي أدى إلى صعود بيئة إسلامية سنية في بيروت تطالب بتعديل صلاحيات المحافظ مقابل المناصفة، فصارت الخشية من قبل الطاقم السياسي في بيروت من ضرب معادلة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في العاصمة، وهي من إحدى الركائز الأساسية في النظام السياسي اللبناني، والخشية الأكبر كانت من اكتساح سني للمقاعد البلدية في بيروت. وعليه تصدرت أولويات الأحزاب المسيحية كافة مبدأ الحفاظ على المناصفة في بيروت فتم التحالف المسيحي الشامل تحت شعار “أوعى خيك” فجمع الأقطاب المتقاربة والمتخاصمة في صوت واحد اسمه الصوت المسيحي، وقد لاقى هذا الموقف موقف “الثنائي الشيعي” الذي يتبنى دائما شعارات الوحدة الوطنية والتعايش الإسلامي ـ المسيحي، وبالتالي وجد نفسه في خيار تشكيل لائحة مع التحالف المسيحي، ليس لأجل المقاعد الشيعية بل لأجل المقاعد المسيحية، فتم تشكيل لائحة “بيروت بتجمعنا” من تحالف مروحة أحزاب مسيحية مع جمعية “المشاريع” والنائب فؤاد مخزومي ومباركة من رئيس الحكومة و مفتي الجمهورية اللذين جذبا جزءاً من أصوات مناصري تيار “المستقبل”.

في المقابل تشكلت أربع لوائح: لائحة مدعومة من نبيل بدر و “الجماعة الإسلامية” برئاسة العميد محمود الجمل بإسم “بيروت بتحبك”، ولائحة المجتمع المدني باسم “بيروت مدينتي”، ولائحة “مواطنون ومواطنات”، ولائحة للسيدة رولا العجوز. وجاء تحالف بدر مع “الجماعة الإسلامية” بعد خلافه مع مخزومي على شخص رئيس البلدية، واعتبرت هذه اللائحة تمثل الشارع السني في بيروت الذي يعتبر هو الثقل الأكبر فيها.
نجح موقف “الثنائي الشيعي” في انقاذ المناصفة بنسبة 92%وليس 100% وذلك بسبب خرق اللائحة من المحدلة السنية التي أوصلت العميد محمود الجمل، وأخرجت آخر الخاسرين من لائحة الأحزاب، فأصبحت المقاعد 13 مسلم و 11 مسيحي بدل 12/12/ كنتيجة بأقل خسائر للمناصفة.

في النتيجة هناك 19 ألف صوت شيعي شاركو في الاقتراع، أي بزيادة 10 آلاف عما كانت عليه الأرقام في 2016، وتعتبر هذه القوة التجييرية هي الرافعة الوحيدة للمسيحيين في بيروت، فكان الثنائي أمام خيارين أحلاهما مر، بين الانضمام إلى الشارع السني و احترامه كمكون سيادي لبيروت، ولكن مع ضرب التعايش والمناصفة، وبين احترام المناصفة المسيحية ـ الإسلامية كمكون ميثاقي للوطن وتجاوز الشارع السني. فكان الثنائي بين خيار المصلحة الخاصة البيروتية، والمصلحة العامة الوطنية، لذلك تعالت المصلحة العليا المركزية على المصلحة المحلية اللامركزية ولكنها هذه من احدى آفات التجربة اللامركزية في لبنان انها تقوم باسقاط الخيارات المركزية على التنافس اللامركزي المحلي ولكن قد تعتبر بيروت استثناء لهذه الآفة.

اليوم يشعر الشارع السني أنه فقد السيطرة على بيروت، وهي معقله، يعتبر أن “الثنائي الشيعي” يتجاوز مجدداً قرار أهل بيروت بمشهد 7 أيار انتخابي، ولكن بحجة لعب دور وطني للحفاظ على المناصفة، وربما الأمر أبعد من ذلك حيث أنه لا يريد أن يشكل رافعة لفئة سنية لم تقررها المملكة العربية السعودية، في ظل تجميد تيار “المستقبل”، لكن مع ذلك تصدر الأسئلة من الشارع السني حول هذا الموقف، من كلف “الثنائي الشيعي” بهذا الامر؟ وهل المناصفة أولوية عنده فقط؟ و هل هو مسؤول عنها في بيروت؟ ام ان هناك خلفيات لهذا التجاوز؟

قد يفسر بعضهم أن الشيعة تجاوزوا السنة في ظل غياب تيار “المستقبل” وكأنه عملياً يقول أعيدو لنا تيار “المستقبل” إلى بيروت فهو “التيار المعتدل” والا سيكون الشيعة “أم الصبي” في بيروت للمحافظة على هذا الاعتدال، و قد تكون الخلفيات سياسية تجاه المسيحيين الذين يدعون بضعف الشيعة وتحجيمهم. اليوم شعر المسيحي أن سنده للمناصفة في الوطن هو هذا “الثنائي الشيعي” الذي لا يزال قوياً ويلعب دوراً حاسماً في العاصمة وبالتالي في الوطن.

ولكن لماذا لا يوجه السؤال للائحة نبيل بدر الذي بدوره تجاوز المسيحيين و عرَّض العاصمة لتهديد ضرب المناصفة، فبدلاً أن يكون خير نبيل وخير بديل لتيار “المستقبل” المعتدل ويعترف بالمقاعد المسيحية الاثنى عشر، ذهب باتجاه واقع آخر، فلو فعل ذلك لما اضطر ليشاهد تحالف “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” ولما اضطر ليشاهد تحالف “الثنائي” مع الصوت المسيحي.

الانتخابات انتهت، وغداً يوماً اخر وتحديات كبيرة تطرح أمام مستقبل العمل البلدي في بيروت. كيف سيجتمعون؟ وكيف سيقررون؟ وهل سيشل المجلس البلدي في بيروت بين تطيير جلسات واعتكاف أعضاء بسبب التناقضات السياسية الحادة بين الأعضاء مثل “القوات” و”التيار الوطني الحر”، والشيعة و “القوات” و”الكتائب”؟ كل هذه التحديات ستدفع ثمنها بيروت مجدداً، إضافة إلى تحديات الانتخابات النيابية 2026، وعن أشكال التحالف و رسم الخيارات.. وكله متوقف على قانون الانتخابات النيابية.

  • لا تعبّر المقالات بالضرورة عن موقف موقع “الجريدة” الالكتروني
spot_img
مقالات ذات صلة
spot_img