السبت, يونيو 21, 2025
spot_img
الرئيسيةSliderقال ترامب.. فهل يفعل؟

قال ترامب.. فهل يفعل؟

spot_img
spot_img

| جورج علم |

قال الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب كلاماً حول لبنان خلال جولته الخليجيّة. أثنى على السياسة الإنقاذيّة المتبعة من قبل المسؤولين. شدّد على حصريّة السلاح. ذكّر بأن أمام لبنان فرصة للنهوض يجب ألاّ تهدر. ودعا إلى علاقة حسن جوار.

لم يأت الكلام جزافاً، ولا من فيض خاطر، بل مدروساً، ومغربلاً بما يكفي للفصل ما بين القمح والزؤان.

كان الوضع في لبنان بنداً مدرجاً على جدول الأعمال. تمنّى رئيس الجمهورية جوزاف عون أن يكون كذلك، خلال جولته الخليجيّة التي شملت المملكة العربيّة السعوديّة، وقطر، ودولة الإمارات العربيّة المتحدة، والكويت. وكانت الضرورة تقضي المرور تحت القنطرة اللبنانية عند عبور الموكب الترامبي نحو الخليج العربي، ومنه نحو منعطفات الشرق الأوسط، ومنزلقاته الخطرة.

ويبقى كلام ترامب مجرد أضغاث أحلام، إن لم يقترن بالعزيمة والمبادرة. إنه صاحب القوس، وباريها، ولا يكفي قوله بحصريّة السلاح، وتذكيره الدولة بمسؤوليّتها في تحمل التبعات. عنده القدرة والمقدرة والمبادرة لإقران الأقوال بالأفعال. إنه صاحب اليد الطولى التي باستطاعتها ان تُخرج “إسرائيل” من الأراضي اللبنانيّة، ومن النقاط الخمس الإستراتيجيّة. إنه القادر أن يقول لبنيامين نتنياهو “كفى عربدة”!

يعرف ترامب، وتعرف إدارته، أن هناك إتفاقاً لوقف إطلاق النار، توصل إليه الأميركي آموس هوكشتاين في تشرين من العام الماضي، ولم يوضع موضع التنفيذ لغاية الآن، كون “إسرائيل” تنكّرت له، وتجاوزته، وحاولت تسجيل هدفين في شباك الإستحالة:

ـ تجريد الحزب من سلاحه بقوة النار، والإعتداءات، والإغتيالات.

ـ تجاوز القرار 1701 نحو إتفاقيّة مغايرة، وحدود مفتوحة.

فهل يبادر ترامب إلى إرغام تل أبيب على الإمتثال، إذا كان فعلاً غيوراً على لبنان، ويريد إستقراره، وإزدهاره؟

ثم يعرف ـ وهو العارف طبعاً ـ أن هناك ضابطاً أميركياً رفيع يرأس لجنة تطبيق وقف إطلاق النار، ويمدّه بالتقارير الميدانيّة حول التطورات والمستجدات. فلماذا لا يبادر إلى تفعيل مهمّة هذا الضابط الأميركي كي يكون لدوره مصداقيّة، ولحضوره معنى؟!

لقد فاض منبره في السعودية بمواقف واعدة. وتحدث في قطر عن إحتمال إبرام إتفاق نووي جديد مع إيران. فهل من مكان للبنان في هذا الإتفاق؟ وهل أخذ بعين الإعتبار نظريّة “الأنابيب المتصلة” ما بين “حزب الله” وإيران، وقرقعة السلاح من منشأه إلى مخزنه، إلى إحداثيّة إطلاقه نحو الهدف؟ إن بالوسع حلّ الأحجية إذا كانت الرغبات صافية، والوعود صادقة.

ولم يبخل في الثناء والإطراء كون الجيش اللبناني يضطلع بمسؤوليات جسام، وقد أثبت حضوره الميداني في تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار، وإستعادة السيادة الوطنيّة على معظم أنحاء الجنوب. ويعرف أن هذا الجيش بحاجة إلى سلاح، وعتاد، كي يكمل المهمة، ويلعب الدور المناط به كاملاً من دون عيوب أو نواقص. ويعرف أن السلاح بحاجة إلى مال، والمال غير متوافر لدى الحكومة، نظراً للإمكانات المتواضعة، وظروف لبنان الصعبة.

هناك قواسم مشتركة يبنى عليها. يلتقي الخليجيّون مع الأميركيّين على حصريّة السلاح بالدولة. ويلتقون معاً على الدور الوطني الكبير الذي يضطلع به الجيش. فهل يلتقون على دعمه بما يلزم من سلاح، وعتاد، وتقنيات، وإحداثيات، ومعلومات كي ينجز ما يفترض إنجازه؟

الأميركيّون يملكون السلاح، والخليجيّون يملكون المال، فهل تنصهر القدرة مع الرغبة لينبثق القرار، ويشقّ طريقه نحو التنفيذ؟

جرت محاولة سابقة عندما وقّعت السعوديّة وفرنسا في الرابع من تشرين الثاني 2014، في الرياض، إتفاقية بـ3 مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني، في مسعى لدعمه في مواجهة المجموعات المتشددة.

وقدّمت السعوديّة هذا المبلغ على شكل هبة، تتولّى فرنسا بموجبها مدّ الجيش بالأسلحة والعتاد، خلال مهل زمنيّة محدّدة.

ووقّع الإتفاقية عن الجانب السعودي وزير المال ـ آنذاك – إبراهيم العساف، وعن الجانب الفرنسي، رئيس شركة “أوداس” الفرنسيّة لتجارة الأسلحة، الأميرال ادوارد غيو، وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
فهل تتكرّر المحاولة بمعطف جديد، وهندام مختلف؟

القرار عند أصحاب القرار. لكن أهميّة الرئيس ترامب ليس في ما يقول، بل في ما يفعل. فهل يبادر إلى توفير الدعم المطلوب، إذا كان يريد حقاً حصريّة السلاح، ودعم فرصة نهوض لبنان من كبوته؟!

spot_img
مقالات ذات صلة
spot_img