على الرغم من إيجابية الوعود التي يتلقّاها لبنان، ولاسيما من دول الخليج بمساعدته في تجاوز أزمته وإعادة الإعمار، وكذلك من التطمينات الخارجية حول مستقبل لبنان، على حدّ ما أبلغ سفير دولة غربية كبرى وفداً من الاقتصاديين قبل ايام قليلة، بأنّ لا وجود لأي «فيتو» خارجي يمنع المساعدات عن لبنان، الاّ انّ معطيات مصدر سياسي رفيع تشي بغير ذلك، حيث كشف لـ«الجمهورية» أنّ «هناك قوى خارجية تقول إنّها تدعم العهد الرئاسي الجديد وتريد إنجاحه، الّا انّها في الوقت نفسه تفرمل، وتمنع وصول المساعدات إلى لبنان. والراغبون بالمساعدة يعتذرون منا ويقولون صراحة انّهم يتعرضون لضغوط».
وقال المصدر السياسي عينه: «انّهم لا بدُّن يساعدوا، ولا بدُّن يخلو حدا يساعد»، بدليل انّهم يتنقلون من ذريعة إلى أخرى، في بداية الأمر طلبوا إصلاحات وإجراءات تعيد انتظام الإدارة ومكافحة الفساد، والدولة التزمت بذلك. وبعد مباشرة العمل في هذا الامر، سارعوا إلى ربط المساعدات ببند هو الأصعب ويتعلّق بـ«حزب الله»، ووقف تمويله، ونزع سلاحه وليس تسليمه، والنزع يعني اعتماد القوة، وهذا أمر خطير جداً، علماً انّ موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عقلاني ومتقدّم حول هذا الأمر، وكلّ البلد خلفه في هذه المعالجة التي يسعى اليه مع «حزب الله» وصولاً الى تأكيد الغاية التي ينشدها بحصر السلاح بيد الدولة».
إساءة .. وتشويش
وإذا كان حجب المساعدات عن لبنان أو تأخيرها يؤديان إلى تفاقم ازمته المالية والإعمارية، إلّا أنّ الخطر الأكبر يتجلّى في العامل الإسرائيلي والاعتداءات المتكرّرة على الجنوب وسائر المناطق اللبنانية، ومنع الجيش اللبناني من إكمال مهمّته الموكلة إليه وفقاً لمندرجات القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار.
وعلمت «الجمهوريّة» من مصادر أمنية موثوقة، أنّ لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وعدت ببذل جهود جدّية مع الجانب الإسرائيلي لخفض التصعيد وتأكيد الإلتزام باتفاق وقف اطلاق النار، دون ان يقترن هذا الوعد بما يضمن تجاوب اسرائيل مع هذا المسعى.
ولفتت المصادر، إلى انّ لجنة المراقبة في ظلّ رئاستها الجديدة توحي بتبدّل مقاربتها لمهمّتها الموكلة اليها، وللتطورات التي تنشأ في منطقة عملها، ولكن ذلك لم يرقَ حتى الآن إلى الضغط المطلوب على إسرائيل لإلزامها بالالتزام باتفاق وقف اطلاق النار، ووقف تفلّتها منه بالاعتداءات المتتالية على المناطق اللبنانية، وقالت: «ليس المطلوب كلاماً تخديرياً للبنان كمثل أن تقول اللجنة بأنّها تلحظ التزاماً كليّاً من الجانب اللبناني باتفاق وقف إطلاق النار، وانّ الجيش اللبناني يقوم بمهامه الموكلة اليه، فالمشكلة ليست مع لبنان الملتزم بالاتفاق وبالقرار 1701، بل مع اسرائيل التي تستبيحهما وتتفلّت منهما وتبقي الوضع على حافة الانفجار».
ونُقل عن مسؤول كبير قوله لديبلوماسيين غربيين معنيين بمهمّة لجنة المراقبة: «انّ بقاء الوضع على ما هو عليه وسط التفلّت الإسرائيلي من اتفاق وقف اطلاق النار قد يصل في لحظة ما إلى انفلات الامور وتصعيد واسع. ولبنان منذ لحظة إعلان اتفاق وقف اطلاق النار قدّم ما توجب عليه بصورة كاملة، ولم يتوان الجيش اللبناني عن القيام بمهامه الموكلة اليه، ولاسيما لناحية الانتشار في منطقة جنوب الليطاني، وكذلك التنسيق والتعاون مع قوات «اليونيفيل»، وهو يحظى بقرار رسمي واحتضان شعبي لمهمّته».
ولفت المسؤول الكبير الانتباه إلى «انّ جهات دولية وغير دولية سعت الى تغطية الاعتداءات الإسرائيلية، تارةً بالقول بحقها في الدفاع عن نفسها، وتارةً أخرى باتهام الجيش بالتقصير في تنفيذ مهمّته. فهذا الاتهام باطل ومردود، هدفه الإساءة للجيش والتشويش على مهمته، حيث انّه بشهادة الجميع يقوم بواجباته على أكمل وجه، خصوصاً في منطقة جنوب الليطاني، والذي يمنع استكمال هذه المهمّة هي إسرائيل باستمرار احتلالها للنقاط الخمس، إضافة إلى اعتداءاتها المتواصلة وعدم التزامها باتفاق وقف اطلاق النار، وهو ما اشار اليه صراحة القائد العام لقوات «اليونيفيل»، التي كرّرت ذلك بالأمس، بالإعراب عن قلقها مما سمّتها «تصرّفات عدائية» للجيش الإسرائيلي، بعد تعرّض أحد مواقعها لإطلاق نار من الجانب الإسرائيلي».














