الإثنين, يونيو 16, 2025
spot_img
الرئيسيةSliderعندما تهبط "Air Force One" على مدارج الخليج!

عندما تهبط “Air Force One” على مدارج الخليج!

spot_img
spot_img

| جورج علم |

يحلّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضيفاً على المملكة العربيّة السعوديّة، والإمارات العربيّة المتحدة وقطر.

حظيت الزيارة، وقبل بدئها، بفيض من عبارات التفخيم، من وصفها بـ”مهمّة”، إلى “إستثنائيّة”، إلى “إستراتيجيّة”، إلى “مصيريّة”، إلى “تاريخيّة”، إلى… وكلّها أوصاف تؤكد على رمزيتها، وما سيتمخّض عنها من نتائج تقرّر مصائر أزمات المنطقة، ومستقبل العديد من دولها وشعوبها.

التزامن مهمّ، كونها تتمّ في توقيت يقف فيه الجميع على شفير الهاوية.

الإسرائيلي في ورطة، لا هو قادر على الإستمرار في المذبحة، ولا هو مستعد للإنصياع والتراجع من دون أن يحقق شيئاً من الأهداف الكبيرة التي نادى بها بنيامين نتنياهو منذ طوفان الأقصى.

الإيراني، في الحلقة الضيقة، لا هو قادر على منح الأميركي كل ما يريد، ولا هو مستعد لترك طاولة المفاوضات، من دون ضمانات، خوفاً من الجوائح الكبرى التي قد تهدّد النظام.

التركي في مأزق، لا هو قادر على التحكم بالملعب السوري، متى يشاء، وكيفما يشاء، ولا هو “الحاوي” الذي يملك العصا السحريّة ليقنع شعبه بعظمة الإنجازات التي حقّقها… ولغاية الآن ليس هناك من عظمة، ولا من إنجازات باهرة مدوّنة في السجلّ الرسمي.

السوري لا يزال قابعاً في الصفوف الخلفيّة، وكلّما تقدم خطوة إلى الأمام، تنزلق قدمه في الوحول الداخليّة، والمستنقع المفخّخ بالفئويات. فتح له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دفّة باب للدخول إلى فرنسا، ومنها إلى الإتحاد الأوروبي، لكن عينه على الولايات المتحدة، وكيف يمكن الوصول إلى سيّد البيت الأبيض للتفاهم معه حول مواصفات اليوم التالي في سوريا، ولائحة الشروط والمطالب.

اللبناني في حيرة من أمره، خرج من الفراغ إلى الشرفة المطلّة على المستقبل، فوجدها عند منحدر سحيق، وأي زلّة تؤدي إلى مقتلة. لا هو قادر على المجازفة كي لا يخسر ما تبقى، ولا هو قادر على إقناع الأميركي الوفاء بالتزاماته تجاه وقف إطلاق النار، ووضع القرار 1701 موضع التنفيذ.

تحلّق طائرة ترامب فوق هذه الثغور والنواتىء في طريقها إلى السعودية، وعلى متنها سلال طافحة من المواضيع الشائكة، والملفات المعقدة:
• التفاوض مع إيران: ماذا جرى؟ وإلى أين ستنتهي الجولات التفاوضيّة؟ البرنامج النووي محور، لكن ليس هو الكل. ماذا عن البرنامج الباليستي والصاروخي؟ ماذا عن التغلغل والتمدد في الإقليم؟ كلها أسئلة بحاجة إلى أجوبة مطمئنة، ومدعومة بضمانات!
• حرب غزّة، ومسار حل الدولتين. هل سيطلق الرئيس المباغت من أرض المملكة، صاروخاً عابراً للقارات، معلناً موافقته على قيام دولة فلسطينيّة، وفق المبادرة العربيّة للسلام التي أقرتها قمّة بيروت؟ وكيف ستكون مقاربته للوضع في غزّة، ومستقبل القطاع؟
• ماذا سيقول عن لبنان، وبارقة الأمل التي شكّلها انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهوريّة؟ وماذا عن سوريا أحمد الشرع؟ وماذا عن الأدوار الإقليميّة لكل من تركيا، والعراق، و”إسرائيل”؟

وتفيض السلال بالعناوين ـ التحديات، وتفيض بالمقابل بالأسئلة المقلقة، التي تبحث عن طمأنينة، وراحة بال.

يعرف ترامب كيف يقتحم المسالك الصعبة. أول الغيث قد يكون هديّة معلّبة يحملها لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وفي داخلها قرار أميركي يقضي ببناء برنامج نووي للمملكة. ويقال إن مفاوضات عميقة قد جرت خلال فترات سابقة، وأفضت إلى هذه النتيجة الواعدة.

بالمقابل، سيكون هناك كلام مريح حول صفقات عسكريّة، وإتفاقيات دفاعيّة، وعقود إستثماريّة تقدّر بتريليون دولار. وقد إحتاط ترامب جيداً لهذه المهمّة، ودعا كبار قيادات الشركات التقنيّة للإلتحاق بطائرة “Air Force One”، لكي يتحلّقوا حول طاولة المفاوضات، ويكونوا مبادرين إلى بناء المستقبل الواعد بالعلاقات “الذهبيّة” ما بين المملكة وبلاد العم سام.

ومن المدعووين: آيلون ماسك الرئيس المالك لشركات “تسلا” و”سبيس إكس”. ورؤساء من مؤسسات وشركات “أوبن إيه آي”، و”ميتا”، و”ألفا بت”، و”بوينغ”، و”سيتي غروب”… وآخرين…

ويبدو البيدر وفيراً بالغلال على مدى الأيام المعدودة للجولة الخليجيّة. يكفي القمة المرتقبة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والتي ـ كما يقول دبلوماسي عربي ـ ستكون “دافئة” من حيث الأسلوب، واللغة المتداولة. كما ستكون “مروّسة” بالأسئلة الصعبة حول مستقبل السلام، والإستقرار في الشرق الأوسط، وكيفيّة إطفاء الحرائق المشتعلة من غزّة، مروراً بالضفّة الغربيّة، ولبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، وصولاً إلى باب المندب، والبحر الأحمر.

ولأن الزيارة “مزركشة” بالشعارات البرّاقة، والمحشوّة بأسئلة كبيرة حول مصير المنطقة ومستقبلها، ومصير البراكين المشتعلة ما بين هضابها وسهوبها، وهل ستبقى رهينة لتجذبات إقليميّة ـ دوليّة شرهة، أم سيدخل الشرق الأوسط الجديد “العصر الترامبي”، وبكفالات إستثماريّة هائلة، تتطلّب المزيد من الإستقرار والهدوء…

ومنح المتناحرين “إجازة غير مدفوعة”، وفرض “إستراحة المحارب”.. ولأجل طويل؟!

يبقى أن لبنان الموعود، ينتظر في محطة الترقب، لعلّ دفعاً أميركيّاً ـ ترامبيّاً يحرّك مساره الدبلوماسي، ويدفع بالقرار 1701 إلى حيز التطبيق الفعلي، من دون مكياج، وعمليات تجميل غير مضمونة العواقب!

spot_img
مقالات ذات صلة
spot_img