/ خلود شحادة /
يتسمّر أمام التلفاز طوال وقته. يقلّب بين المحطات التلفزيونية، ويتقلّب مزاجه معها. غاضب تارة من ضيف سياسي هنا، وباسم طوراً لأن “زعيمه” يدغدغ مشاعره بخطابه الرنّان.
هذا هو حال كل لبناني بانتظار الاستحقاق الانتخابي، غارق في فيض التصريحات التي أُغدقت عليه من كل حدب وصوب.
الحديث السياسي واستشراف المستقبل السياسي والاقتصادي للبنان بعد الانتخابات، هو سيد الحضور.
تحليلات سياسية ومالية واقتصادية تتدحرج في كل جلسة عائلية أو سهرة أصدقاء، وفي الشارع بجانب المحلات، وفي سيارة أجرة أو “فان”، وفي فرن المنقوشة…
تكثر التوقعات حول مرحلة “ما بعد الانتخابات”، في ظل ملفات عالقة بانتظار انقضاء هذا الاستحقاق “على ستر وسلامة”.
أولها، ملف “ترسيم الحدود”، الذي عاد الى واجهة الخطاب السياسي، تحديداً لدى الثنائي الشيعي، “حزب الله” وحركة “أمل”. وهذا ما برز جلياً في خطاب الرئيس نبيه بري، بإعطاء الوسيط الأميركي مهلة شهر للبدء بالتنقيب من قبل الشركات المسؤولة… وإلّا!
رفعُ سقفٍ رافَقَه دعم وزخم من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، الذي شدد على موقف بري وأيّده.
في ربع الساعة الأخير، تستكمل مشاهد “مسلسل رفع الدعم” بعد الانتخابات مباشرة، وربما تصل الى رفع الدعم عن أدوية السرطان والادوية المستعصية، من دون أي خطة معالجة لهذا الملف، الذي يمس مباشرة بحياة وصحة المواطنين اللبنانيين.
لن يسلم قطاع الاتصالات من رفع الدعم وزيادة التعرفة، وهذا ما صرح به علناً وزير الاتصالات عشية الانتخابات، حيث ستصل تكلفة بطاقة التشريج الى حدود 100 ألف ليرة كخطوة اولى.
وما يؤرق جميع اللبنانيين، هو مصير منصة صيرفة والتعميم 161 الصادر عن مصرف لبنان. فإن توقف العمل بمنصة صيرفة، سيرفع الطلب على الدولار في السوق السوداء من قبل التجار، مما سيؤدي الى ارتفاع هستيري بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وينذر بكارثة حقيقية ستطال كل القطاعات الحيوية، خاصة في ظل الحديث عن رفع شامل للدعم.
وما يزيد “الكحل عمى”، أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستتوقف بالكامل عقب الانتخابات النيابية، في ظل حكومة تصريف الأعمال، وإلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وفي ظل المماطلة التي تعتبر من “روتين” تشكيل الحكومات اللبنانية، من الممكن أن تطير عملية التشكيل الى ما بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد، عقب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون تحت ذريعة “مش محرزة”.
ملف تشكيل الحكومة الجديدة، وتكليف الشخصية السنية المناسبة، في ظل غياب الرئيس سعد الحريري، تحسمه التوازنات التي تنتج عن الانتخابات النيابية. ولكن، من سيتبرّع بأن يكون “انتحاري المرحلة المقبلة” ليتكلّف تشكيل الحكومة؟ خاصة أن لا أحد من “الشخصيات السنية الوازنة”، لديه الرغبة بذلك، باستثناء الرئيس نجيب ميقاتي الذي قدّم أوراق اعتماده وأعلن استعداده لتلقّف كرة النار الحكومية.
وهنا، يبرز مسار يوحي بأن حكومة ما بعد الانتخابات ستكون حكومة “ميقاتية” شبيهة بالحالية مع “شوية روتوش”.
ما ذكر أعلاه، غيض من فيض ما ينتظرنا بعد الانتخابات النيابية. ولذا تكثر السيناريوهات المتوقعة في هذه المرحلة الحساسة.
السيناريو الاول يقول إن تأرجح لبنان على حافة الانهيار، سينتهي، وسيحصل “الارتطام الكبير”، بعد أن كبرت كرة الانهيارات المتدحرجة ودفعت بلبنان نحو الهاوية.. وحينها سنقرأ عبارة “the end” في نهاية هذا “الفيلم اللبناني الطويل”.
أما السيناريو الآخر الاكثر تفاؤلاً، والذي يحاول معظم اللبنانيين تبنّيه، من باب “تفاءلوا بالخير” لخلق الطمأنينة حول المستقبل المجهول، فيقول، إن الانهيار قد حصل أصلاً، بعد أن فقدت الليرة اللبنانية قيمتها، وانهارت القدرة الشرائية، ووصل أكثر من 80% من اللبنانيين الى ما دون خط الفقر، وانهار التعليم الرسمي في لبنان. وبعد أن أصبح الاستشفاء والكهرباء “للأغنياء فقط”. وما بعد الانتخابات سينهض لبنان من جديد، بعد عودته الى الحضن العربي. وإن الأسوأ قد وقع، ونحن الآن أمام قيامة “لبنان جديد”.