| روان فوعاني |
قطعت وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي الشك، الذي ساد لأسابيع، باليقين، فحددت موعد امتحانات الثانوية العامة بفروعها الأربعة في 9 تموز، ومددت العام الدراسي حتى 13 حزيران، وأعلنت أن التقليص سيطال بعض المواد الأساسية، وأنه لن تكون هناك مواد اختيارية.
مواقف الطلاب والأساتذة أشعلت مواقع التواصل الإجتماعي، فالقرار كان “صاقعة” على الطلاب، فـ”ترحموا” على “أيام” وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، الذي كان يسمى ب”مغنج” الطلاب، واعتقدوا بان عهد “الدلال” “خفّ” مع الوزير عباس الحلبي وانتهى مع الوزيرة كرامي.
لم يكن القرار بحسب المتوقع، فالبلد ليس بأحسن أحواله، الحرب لا تزال مستمرة حتى وإن لم تكن بالشكل المباشر، الاستهدافات والخروقات “الاسرائيلية” للاراضي اللبنانية تهدد أمن وأمان اللبنانيين في كل الأوقت، الكثير من المدارس دمرت، والكثير من الطلاب والأساتذة فقدوا بيوتهم ومنهم من فقد أفراد عائلته.
الطموح الأكبر لدى معظم اللبنانيين، هو إعادة “جدية” الامتحانات الرسمية وجودتها، لما تلعبه من دور مهم في تأهيل الطلاب للمرحلة الجامعية، لكن كل التطورات الحاصلة على الصعد كافة تفرض اتخاذ قرارات “استثنائية” تحافظ على الأساسيات وتتساهل أو تتعاون بالأخرى.
وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي، أكدت مواظبة عملها للمحافظة على قيمة الشهادة الرسمية اللبنانية، لافتة إلى أن مشاريع القوانين التي تتابعها الوزارة في اللجان النيابية لا تزال في طور الدراسة.
وبعد صرخة الطلاب والأهالي تواصل رئيس مجلس النواب مع وزيرة التربية ريما كرامي لإيجاد حل وسطي يحول دون أن يُظلم أي من الطلاب.
بدورها لفتت كرامي إلى أنها أجرت معه جولة أفق تناولت الملفات التربوية كافة ونشاطات الوزارة، كما شرحت للرئيس بري أولويات الوزارة في هذه المرحلة، وأجابت على استفهاماته المتعلقة بالامتحانات الرسمية وكيفية الأخذ في الاعتبار “الأوضاع الاستثنائية التي عاشها تلامذة الجنوب والمناطق التي تعرضت ولا تزال تتعرض للاعتداءات الإسرائيلية”.
وفي مقابلة خاصة لموقع “الجريدة”مع أستاذة في مادة الإجتماع فريال عواضة، قالت إن “موضوع الشهادة الرسمية لهذه السنة كان لها طابع خاص للكثير من الأسباب التي مرت على لبنان، كل المدارس تابعت وواكبت واستطعنا أن ننجز الاهداف والمهارات المطلوبة، لكن في خصوصية الأحداث التي مرت والتي كنا نتمنى أن تلتفت لها وزيرة التربية، الأحداث كانت مريرة على هذه الفئات، منها من فقد منزله ومنها من فقد اهله وأحبابه أو أصيبوا بالجروح، فالواقع كان صعب على الكثير من الطلاب والاهالي والأساتذة”.
وتمنت عواضة لو أن هذا الوضع اتخذ بعين الإعتبار، واعتمدت هذه السنة ايضا كالسنين الأخيرة فكرة المواد الإختيارية، مضيفة: “مع العلم أننا كأساتذة نتمنى دائما أن تعود الشهادة الرسمية لمميزاتها قبل هذه الأزمات، ونعود لخصوصيتها، لكن هذه السنة نتمنى ان تعيد الوزيرة النظر بقرارها لأن البلد مر ويمر بظروف استثنائية على الجميع”.
ورأت عواضة أن “اي مجتمع يريد أن يتخذ قراراً استثنائياً، يكون مبني على تغيرات اجتماعية، هذه التغيرات الاجتماعية ممكن أن تكون تغيرات طبيعية مثل جائحة كورونا في العام 2020، واتخذنا تدابير استثنائية وذهبنا للمواد الإختيارية، واليوم نحن نقول إن هذا العام مر بتغيرات جذرية، من الحرب وتداعياتها، فبالتالي نحن هيدا العام كان استثنائي ويحتاج إلى قانون وظروف استثنائية تتناسب معه كاعتماد المواد الإختيارية”.
وفي مقابلة مع الطالبة غدير زين طالبة في الثالث ثانوي فرع “علوم حياة”، قالت: “هذه السنة كانت صعبة على كل لبنان، وإلى حد الآن ما زال خطر الحرب موجود، لم أرَ أن قرار الوزيرة منصف لانها لم تراعي ظروف الطلاب، نحن لم نعود للاستقرار بعد، هناك أشخاص فقدت بيوتها وفقدت أهلها”.
وأشارت إلى انها كطالبة علوم حياة، تدعم أن تعود المواد كاملة كما كانت لأنها مهمة للمرحلة الجامعية، لكن هذه السنة فرضن علينا وضع استثنائي خالي من الاستقرار، فتطلب هذه المرحلة قرار المواد الإختيارية لطلاب الشهادات الرسمية.
وأضافت: “بدل ما أنا اقعد ادرس 4 مواد حفظ وأنا طالبة علمي، كان فيني اختار منهن مادة غنية لثقافته العامة، وكرمال الهمة على الدرس عم نسعى إنو ترجع بظل كل يلي مرقنا فيه”، وطالبت زين من الوزيرة ” المراعاة ولو بالقليل”.
من جهتها، قالت الطالبة نور علاء الدين فرع “علوم عامة”: “كلنا كنا ناطرين قرار الوزيرة على أحرّ من الجمر لنشوف كيف رح يكون مصيرنا هالسنة، فلما عرفنا انو ما في مواد اختيارية نصدمنا عشان كان عنا أمل، فظروف هالسنة مش أفضل من السنتين السابقين لا بل أسوء”.
وأضافت علاء الدين: “الصدمة الأكبر لما طلع مرسوم الوزيرة وشفنا انو فرع العلوم العامة لم يذكر في التقليصات، لم نأخد أي تقليص أو تخفيف بموادنا”.
وعبرت عن انزعاجها من الاختلاف الذي تم التعامل به مع طلاب الشهادة الرسمية في سنة 2024 من جهة تقليص الدروس، والقرار الذي اتخذ هذه السنة.
وفي أجواء اعتراض الطلاب على القرار “غير المنصف” الذي صدر من الوزيرة، قالت الطالبة لمار فوعاني فرع الاقتصاد والاجتماع أنه “كان من المتوقع كطلاب فرع الاقتصاد والاجتماع في ظل الظروف التي مر بها البلد هذا العام، أن تقلص الوزيرة من المواد العلمية والتركيز على المواد الاساسية في فرعنا وهي الاقتصاد والاجتماع والرياضيات، لكنها لم تقلص منهم شيئاً، وهذا ما صدمنا حقاً، لكن ساقول نحن كطلاب سنة 2025 سنجتاز هذه الصعوبات وسنصنع من الرماد النجاح والمثابرة والتألق، ولن نكون كأي خريجين، سنكون الخريجين الأبطال”.
وكان نفّذ عدد من طلاب الشهادات الرسمية اعتصامًا أمام مبنى وزارة التربية والتعليم العالي في بيروت، للمطالبة بتقليص المناهج الدراسية واعتماد المواد الاختيارية في الامتحانات الرسمية المقبلة.
ورفع المعتصمون لافتات تُعبّر عن مطالبهم، وهتفوا بشعارات تدعو الوزارة إلى “اتخاذ خطوات عاجلة تنصف الطلاب وتراعي التحديات التعليمية المتراكمة”.
وقال المعتصمون لوزيرة التربية ريما كرامي “يا معالي الوزيرة.. يا بينصفك التاريخ يا بيلعنك”.
وبعد التداول الواسع على بعض المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي بأخبار تتعلق بالامتحانات الرسمية والتوجّه لاعتماد المواد الاختيارية، نفى المكتب الاعلامي لـ”التربية” أنها ملتزمة بقراراتها التي أعلنت عنها الوزيرة كرامي في مؤتمرها الصحافي”.
وكانت أعلنت وزيرة التربية ريما كرامي أن امتحانات الشهادة الثانوية ستبدأ في التاسع من تموز وتمتد على خمسة أيام، مؤكدة أنها متعاطفة مع التلاميذ وأولياء الأمور والأساتذة في ظل الظروف التي مر بها البلد.
وأوضحت أن القرارات اتخذت بعد دراسة متأنية، حيث جرى التركيز على مدى الإنجاز في كل مادة، وتم الأخذ في الاعتبار الهواجس والاقتراحات التي وردت خلال لقاءات مفتوحة عقدتها مع الأساتذة، واطلعت فيها أيضاً على نتائج استطلاعات الرأي للطلاب والمعلمين.
وأكدت كرامي أن العام الدراسي احتُسب فعلياً بدءاً من الأول من كانون الثاني مع اعتماد أربعة أيام تدريس أسبوعياً، لافتة إلى أنه جرى تخفيض عدد المواد المطلوبة في الامتحانات بناء على تحليل تربوي لأهميتها وفرص التعلّم الفعلي، مع الإشارة إلى أن المناهج كانت قد قُلصت أساساً بنسبة 40%.
وأشارت إلى أن الامتحانات ستُجرى في أجواء مريحة وداعمة، وسيُتاح للمرشحين وقت كافٍ خلال الامتحان، بالإضافة إلى توفير عدد من المرفقات الضرورية إلكترونياً، مثل شرعة حقوق المتعلمين.
وأضافت: لا ضرورة لاعتماد مواد اختيارية في الامتحانات الرسمية.
وما بين حالة الذعر التي دبّت في نفوس الطلاب على أبواب الامتحانات، وحالة “الثبات” التي تمارسها الوزيرة.. يبقى السؤال: هل ما يجري كيديات سياسية يدفع ثمنها الطلاب؟