أثار ظهور الشابة السورية ميرا جلال ثابت (22 عاماً) من مدينة تلكلخ بريف حمص، بعد نحو أسبوعين على اختفائها، موجة غضب وجدلاً واسعاً في الأوساط السورية الحقوقية والسياسية، خصوصاً بعد أن ظهرت ميرا وهي ترتدي زياً دينياً أفغانياً غير مألوف في بيئتها الاجتماعية، برفقة شاب أعلن أنه “تزوجها شرعاً”.
وبحسب رواية الشاب المدعو “أحمد”، فقد “هربت ميرا معه بإرادتها من أهلها”. إلا أن هذه الرواية واجهها تشكيك واسع، حيث وصفها متابعون بأنها “مسرحية هزلية برعاية رسمية”، معتبرين أن ما جرى يمثل نسخة مكررة من انتهاكات موثقة ارتكبتها جماعات متشددة ضد النساء في مناطق النزاع.
اغتصاب مغلف بالزواج؟
مصادر حقوقية أكدت أن الشاب الذي قيل إنه “تزوج ميرا شرعاً”، هو في الواقع متهم بخطفها والاعتداء الجنسي عليها، في ما يشبه “شرعنة الاغتصاب” عبر تغليفه لاحقاً بقصة حب أو زواج. هذا النمط، بحسب المتابعين، تكرر في مناطق انهارت فيها السلطة، مثل العراق بعد “داعش”، حيث أُجبرت ضحايا الخطف والاغتصاب على الظهور بمظهر “التائبات” وتُرك لجلاديهن الإفلات من العقاب.
ظهور ميرا بوجه شاحب وعينين يملأهما الانكسار، وامتناعها عن الكلام، زاد من الشكوك حول صحة رواية “الزواج الشرعي”، خصوصاً أن اللباس “الأفغاني” الذي ارتدته لا يعكس بالضرورة قناعة دينية، بل يبدو أقرب إلى محاولة فرض “سردية توبة” قسرية تخدم الدعاية الجهادية.
بعض المراقبين رأوا في هذه الحادثة امتداداً لحرب نفسية تمارسها جماعات ضد الأقليات، كما فعل تنظيم “داعش” سابقاً مع النساء الإيزيديات، حيث يتم نزع الفتيات من بيوتهن، وإجبارهن على تغيير عقيدتهن، ثم دفعهن قسرًا إلى زيجات دينية وهمية، لتصويرهن لاحقاً على أنهن “مقتنعات ومتدينات”.
وقالت مصادر سورية محلية إن الرئيس أحمد الشرع، وإن كان يعلن ملاحقة منفذي عمليات “السبي”، إلا أنه لا يعاقب الجناة بل “يكافئهم” بـ”الزواج”، وتُجبر الضحية على الظهور في صورة “التوبة”، ما يحوّل الانتهاك إلى “بروباغندا”.
وفي وقت تسعى فيه هذه الجماعات إلى تبرئة نفسها من تهم الخطف والاغتصاب، فإن سردية “الهروب الطوعي” و”التحجب بدافع الإيمان” تُستخدم لتبرير الجريمة، بل وتحويلها إلى مادة سياسية وأداة لتفكيك النسيج الاجتماعي السوري، عبر اتهام نساء الأقليات بالخيانة أو الانقلاب على بيئتهن.
















