الاقتصاد اللبناني.. حلول ممكنة!

| عائد عامر |

الجميع يدرك مدى تردي الوضع الاقتصادي الذي عشناه منذ عام 2019، ومازلنا نلملم جراحنا علنا ننهض من جديد ببلد أنهكه تراكم الأزمات المالية والنقدية والاقتصادية، بالاضافة إلى الفساد المستشري في البلاد على كافة الأصعدة.

عايش اللبنانيون انخفاض الناتج المحلي من ما يقارب 57 مليار دولار عام 2019 إلى ما يقارب 22 مليار دولار أميركي حالياً، أي بانخفاض بنسبة 61%، وهذا من أحد الأسباب الرئيسة التي صنفت الأزمة الاقتصادية اللبنانية من الأسوأ عالمياً منذ منتصف القرن التاسع عشر.

ومما فاقم من التأثير السلبي على المواطنين اضافة إلى هذا التدني، سوء الادارة والغياب شبه التام لادارة الأزمة التي تتطلب رؤية اسراتيجية موحدة للدولة، إضافة إلى تشريعات وقوانين مباشرة كان يجب أن تصدر فور بدء الأزمة، منها على سبيل المثال لا الحصر، قانون “الكابيتال كونترول” الذي يؤمن المساواة بين المودعين ولا يسمح بتهريب رؤوس الأموال إلى الخارج.

أضف إلى ذلك، عدم التقنين وانعدام الرقابة الفعلية في موضوع الدعم أنذاك، حيث أنفق ما يقارب 20 مليار دولار على دعم مقنع ذهب ريعه للمحضيين الذين استفادوا شخصياً من احتكار واعادة تصدير المنتجات المدعومة إلى الخارج، بالموازاة مع تدني الأجور و الرواتب إلى مستويات قياسية و ارتفاع معدل التضخم حيث بلغ 222% عام 2023.

وأما الأزمة المصرفية المعقدة فهي بحد ذاتها مسألة معقدة حيث يتطلب حلها تشريعات ضرورية، منها قانون رفع السرية المصرفية واستعادة الأموال المحولة إلى الخارج خلال الازمة بغرض اخراجها من لبنان أنذاك، وقانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي، ولكن الأهم والذي لم يقر حتى تاريخه هو قانون تحديد الفجوة المالية التي بدونها لا يمكن استعادة الودائع.
وهنا لا بد من تأكيد أن الحل الوحيد أن تعترف الدولة بمسؤوليتها الأولى عن صرف وهدر أموال المودعين، التي أودعت في المصارف التجارية واستثمرت في المصرف المركزي، وتم صرفها في موضوع دعم الليرة ودفع رواتب القطاع العام على مدى عقود من الزمن، أما عن الهدر والسمسرات والسرقات فحدث و لا حرج. علماً أن المصرف المركزي والمصارف التجارية تتحمل مسؤولية بنسبة أقل من مقدار مسؤولية الدولة.

نتحدث عن بعض من الماضي لأخذ العبر من الدروس و الأخطاء، وعليه وايماناً مننا بأن لكل أزمة حل وبغض النظر عن الظروف الجيوسياسية والاقليمية والدولية من توترات أمنية وأزمة نزوح و معابر غير شرعية وعقوبات وتصنيفات من جهات خارجية، كان آخرها وضع لبنان على اللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالي FATF”، نستعرض بعض النظريات الاقتصادية على أن نفصلها لاحقاً في مقالات أخرى والتي تساهم في النهوض الاقتصادي وهي:

أولاً نظرية Laissez-Faire أو التعافي التلقائي الذاتي والذي يتطلب نظام رأسمالي، سوق حر، و كفاءة السوق.

هذه النظرية لا تتطلب سوى أجواء ايجابية تجذب وتشجع الاستثمارات من دون خطط عميقة و استراتيجيات معقدة من قبل الدولة.

النظرية الثانية هي Creative destruction أي تحويل التهديدات إلى فرص أثناء الأزمات عبر تشجيع المبادرات وريادة الأعمال والابداع والابتكار.

و تبقى العبرة في التنفيذ…