الأربعاء, مايو 21, 2025
الرئيسيةSliderأسعار النفط تهبط والصناعة "تتنفس".. هل تنخفض الأسعار؟

أسعار النفط تهبط والصناعة “تتنفس”.. هل تنخفض الأسعار؟

| ناديا الحلاق |

يشكل انخفاض أسعار النفط عالمياً حدثاً اقتصادياً بارزاً يترك بصماته على مختلف القطاعات، ولا سيما الصناعة.
وفي لبنان، حيث يعتمد العديد من القطاعات الإنتاجية بشكل متفاوت على الطاقة، برزت تساؤلات حول مدى استفادة الصناعيين والمستهلكين على حد سواء من هذا التراجع في الأسعار.

تاريخياً، لطالما كان لبنان شديد التأثر بتقلبات أسعار النفط، سواء عبر فاتورة الاستيراد الثقيلة التي تثقل ميزانه التجاري، أو عبر انعكاسات أسعار الطاقة على كلفة الإنتاج وأسعار السلع والخدمات. ومع الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً، يُفترض نظرياً أن ينعكس هذا التراجع إيجاباً على كلفة الإنتاج الصناعي، وعلى أسعار السلع في السوق المحلي، وبالتالي على القدرة الشرائية للمستهلك.

غير أن الواقع اللبناني، المعقد بفعل الأزمات المتلاحقة وضعف مؤسسات الدولة الرقابية، يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى تحقق هذه الفرضية في المدى القريب.

في هذا السياق، أوضح المهندس إبراهيم الملاح، عضو مجلس إدارة “جمعية الصناعيين اللبنانيين”، في حديث خاص لموقع “الجريدة”، أن “انعكاسات انخفاض أسعار النفط ليست موحدة على جميع القطاعات الصناعية اللبنانية. فبينما تشكل كلفة المحروقات ما يقارب 30% من كلفة الإنتاج في بعض القطاعات، فإنها لا تتعدى 5% في قطاعات أخرى، ما يجعل تأثير انخفاض النفط متفاوتاً بحسب طبيعة كل صناعة”.

وأشار الملاح إلى أن “الصناعات التي تعتمد بشكل كثيف على الطاقة قد تستفيد بشكل مباشر، من خلال تراجع تكاليف الإنتاج، مما يفتح الباب واسعاً أمام تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية في الأسواق الخارجية.
وأضاف: “مع انخفاض الأسعار، تتاح للصناعيين فرصة أكبر لزيادة التصدير عبر تقديم أسعار أكثر تنافسية في الأسواق العالمية”.

أما في السوق المحلي، أبدى الملاح تحفظه إزاء إمكانية استفادة المستهلكين من هذا الانخفاض، مشيراً إلى غياب الرقابة الفعالة، حيث أنه عادة ما ترتفع الأسعار سريعاً مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً، ولكن عندما تنخفض، لا يلتزم الكثير من التجار بخفضها، بسبب غياب الرقابة الصارمة من قبل وزارة الاقتصاد والجهات المعنية.

وقال: “بحكم خبرتي في جمعية الصناعيين ومواكبتي للأوضاع الاقتصادية، أرى أن انخفاض الأسعار محلياً سيبقى محدوداً ما لم تُفرض رقابة مشددة وإجراءات صارمة لضبط الأسواق وحماية المستهلكين”.

من الواضح أن انخفاض أسعار النفط يمثل فرصة ذهبية للصناعة اللبنانية، خصوصاً في ظل الحاجة الماسة إلى تعزيز الصادرات وتحريك العجلة الاقتصادية. لكن اغتنام هذه الفرصة محلياً يصطدم بعقبات قديمة تتعلق بضعف الإدارة الاقتصادية وغياب آليات الرقابة الفعالة على الأسعار.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي يرزح تحتها لبنان منذ سنوات، فإن أي فرصة لتخفيض كلفة الإنتاج أو تحفيز التصدير يجب أن تواكب بسياسات حكومية واضحة وشاملة، تضمن أن ينعكس التحسن العالمي، ولو جزئياً، على حياة المواطن اللبناني اليومية.

وإلى حين القيام بتحركات جدية من الدولة وأجهزتها الرقابية، سيبقى اللبنانيون على الأرجح محرومين من الاستفادة الكاملة من انخفاض أسعار النفط، فيما يستمر الصناعيون في البحث عن فرصهم في الأسواق الخارجية حيث المنافسة تفرض عليهم التكيف السريع مع معادلة الأسعار العالمية.

مقالات ذات صلة