سُرعان ما سقط الائتلاف السياسي البيروتي الذي كان يُفترض أن يرعى تشكيل لائحة جامعة بالتنسيق مع العائلات والقوى الأساسيّة في العاصمة، نتيجة تمسّك بعض الأطراف بسياسة الإلغاء ومُحاولة الاستئثار بالقرار والاستيلاء على الحصّة السنية، من دون أي اعتبار للمكوّنات السنية الأُخرى.
وتفاقمت سياسة التفرّد التي يعتمدها النائب فؤاد مخزومي بالتنسيق مع مرجعيات محسوبة على الرئيسين نوّاف سلام وفؤاد السنيورة، بعدما ركن إلى شبه تحالف مع حزب «القوات اللبنانيّة»، وبعد إرغام بقية القوى على التعاطي معه كمرجعيّة سياسيّة بيروتية تُمثّل السعودية. كما أصبح طليق اليدين في التّحالفات وتشكيل اللوائح بعد إعلان الرئيس سعد الحريري عزوف تيّار المستقبل عن خوض الانتخابات البلديّة في بيروت والمناطق، فيما يتعاطى مع حزب الله باعتباره قوّة تجييريّة مضمونة من دون أن يضطر إلى التنسيق معه.
كلّ ذلك، ولّد «نقزة» لدى الأحزاب، بما فيها «القوات»، من محاولة مخزومي احتكار التمثيل الشعبي، ما أدّى إلى إعادة خلط الأوراق وتريّث غالبية الأطراف في إعطاء كلمتها الأخيرة في شأن المُشاركة في اللائحة التي يرأسها المرشّح بسّام برغوت، خصوصاً بعدما لمست هذه الأطراف إقصاء لقوى وتلاعباً بالحصص التي تتغيّر يومياً، ما يؤثّر على فرص فوز اللائحة كاملة، ولا يضمن بالتالي مبدأ المناصفة في المجلس البلدي.
وتشير المعلومات إلى أنّ الاتفاق الأولي كان على مبدأ التحالف بين «القوّات» ومخزومي و«جمعيّة المشاريع الخيريّة» والوزير السّابق محمّد شقير (الذي تعهّد بتمويل جزء من الحملة الانتخابيّة) على أن يتم اختيار واحد من الأربعة الذين سبق للهيئة الإدارية لـ«اتحاد جمعيّات العائلات البيروتيّة» أن اتّفقت عليهم (محمد بالوظة ومحمد عفيف يموت وسليم المدهون وسامي بليق). كما تم التّداول في عدد من الأسماء، من بينها محمد مشاقة وأحمد شاتيلا عن «المشاريع»، وهلا شقير وحسين البطل عن الوزير السابق شقير، ونبيه نعماني شقيق زوجة مخزومي من حصّة الأخير.
ولكن لا يبدو أن هذا الاتفاق سيبقى مستمراً بعد طرح اقتراح قانون اللوائح المقفلة في مجلس النوّاب، ما سيعيد خلط الأوراق لفرض لائحة توافقيّة جامعة، وهو ما لمسه المفاوضون من تريّث «المشاريع».
تهميش بدر و«الجماعة»
كما أن هناك مطالبات بأن يشمل الاتفاق مرشحاً عن النائبين نبيل بدر وعماد الحوت، ولا سيّما بعدما نقل السفير السعودي وليد البخاري إلى الأخير عدم ممانعة بلاده مشاركةَ الجماعة الإسلاميّة في الاستحقاق ومُباركتها لأي ائتلافٍ واسع، ما أظهر أن سياسة الإقصاء المتّبعة ضد «الجماعة» تستند إلى «فيتو» غير موجود أصلاً.
كما طاول الإقصاء حزب الله الذي استُبعد مسؤولوه من لقاءٍ دعا إليه مخزومي أمس، وهو ما استدعى تريّثاً من الثنائي في تسليم أسماء المرشحين الثلاثة الشيعة، فيما لفت ممثّل رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، النائب محمّد خواجة، إلى أنّ «تهميش الحزب واعتبار أصواته رهن كلمة من الرئيس بري غير مقبوليْن».
كل هذا أثار حفيظة عدد من المتابعين من محاولات مخزومي للاستئثار، ما بات يُعقّد تشكيل اللائحة، خصوصاً أنّ كلاماً يتردّد عن لائحة يشكّلها بدر والجماعة، وعن انسحاب رئيس «جمعية المقاصد الخيريّة الإسلامية» فيصل سنو من اللائحة رافضاً دعم برغوت، وإمكانية الذهاب نحو تشكيل لائحة بالتنسيق مع العائلات.
كلّ هذه العقد باتت تهدّد بانفراط عقد اللائحة الائتلافيّة وتريّث جميع القوى بانتظار ما سيخرج عن مجلس النواب بشأن اللوائح المقفلة في العاصمة. وهو ما ينسحب أيضاً على القوى المسيحيّة التي لم تخرج بتحالفٍ جامع بعد.















