| فرح سليمان |
أعلنت الإدارة الأميركية فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق على وارداتها من مختلف دول العالم، في إطار سياسة اقتصادية يتبناها الرئيس دونالد ترامب تحت عنوان “استعادة ثراء أميركا”.
وتأتي هذه القرارات المثيرة للجدل وسط تصاعد المخاوف من تداعياتها على النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية.
وأعلن البيت الأبيض أن أكثر من 50 دولة تواصلت مع واشنطن لبدء مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ مؤخراً، وأكدت الإدارة الأميركية أن روسيا ليست مشمولة في قائمة الرسوم بسبب وجود مفاوضات ثنائية جارية.
تصعيد جمركي يطال أكثر من 200 دولة
منذ أكثر من شهرين، بدأت واشنطن بتطبيق رؤيتها التجارية التصعيدية عبر فرض رسوم على كندا والمكسيك والصين، قبل أن تتسع لتشمل أكثر من 200 دولة وإقليم، بنسبة لا تقل عن 10%، وقد وصف ترامب هذا اليوم بـ”يوم التحرير”، في خطاب ألقاه بحديقة البيت الأبيض.
وتنوعت نسب الرسوم من 10% للدول العربية والمملكة المتحدة، وصولاً إلى 50% على جزر “سان بيير وميكلون” الفرنسية ومملكة “ليوسوتو”، وشملت الرسوم الصين بنسبة 34%، والاتحاد الأوروبي بنسبة 20%، بينما طالت كمبوديا (49%)، لاوس (48%)، وفيتنام (46%).
أما في المنطقة العربية، فقد بلغت الرسوم 10% لمعظم الدول، باستثناء سوريا (41%)، العراق (39%)، الأردن (20%)، تونس (28%)، الجزائر (30%)، وليبيا (31%).
ولم تقتصر القرارات الأميركية على الجمارك فقط، بل طالت مجموعة واسعة من الصناعات الحيوية، بدءاً من السيارات وصولاً إلى الأدوية.
وقد أعلن ترامب فرض رسوم بنسبة 25% على السيارات المستوردة، على أن تدخل حيز التنفيذ ابتداءً من منتصف ليل الأربعاء، في حين ستُفرض لاحقاً على قطع الغيار الرئيسية.
وفي قطاع الطاقة، حذّرت شركة “كاميكو” الكندية من ارتفاع أسعار اليورانيوم بنسبة 10%، فيما رجّح محللون أن تؤدي الرسوم إلى زيادة في أسعار البنزين بالولايات المتحدة، كما أشار البنك المركزي الروسي إلى احتمال تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي نتيجة هذه السياسات.
وفي الزراعة، عبّر المزارعون المكسيكيون عن مخاوفهم من تأثير الرسوم على الثروة الحيوانية، بينما في قطاع التكنولوجيا، تهدد الرسوم الجديدة صناعة أشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر، لا سيما تلك القادمة من الصين.
وطالت الرسوم أيضاً صناعة النبيذ الأوروبي، حيث هدد ترامب بفرض ضريبة تصل إلى 200%، كرد على خطوة مماثلة من الاتحاد الأوروبي.
التجارة الإلكترونية والسياحة ليست بمنأى
وتواجه شركات التجارة الإلكترونية مثل “شي إن” و”تيمو” و”علي إكسبريس” تحدياً مباشراً، في حال شمل القرار ما يُعرف بـ”إجراء الحد الأدنى” الذي يسمح بدخول السلع التي تقل قيمتها عن 800 دولار دون رسوم، كما تأثرت صناعة السفر سلباً، وسط تراجع في إنفاق السياح وتخفيض شركات الطيران لعدد رحلاتها.
وأثارت هذه السياسات الجمركية الأمريكية قلقاً واسعاً في الأسواق، حيث شهدت البورصات الأميركية انخفاضات حادة نتيجة مخاوف المستثمرين من ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو، ويرى محللون أن هذه القرارات قد تكون بداية لحرب تجارية شاملة تهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي.
فما هو مصير هذه الرسوم الجمركية وما مدى مرونة الإدارة الأميركية في تعديل سياساتها بعد أن حذّر خبراء الاقتصاد من انعكاسات سلبية واسعة إذا لم تُتّخذ خطوات سريعة لاحتواء الأزمة؟.














