| ناديا الحلاق |
بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة كجزء من حربه التجارية، ووصف هذه الخطوة بأنها تحول تاريخي نحو الاستقلال الاقتصادي، أبدى معظم الخبراء الاقتصاديين اعتقادهم بأن هذه الخطوة الجريئة قد تؤدي إلى رفع أسعار السلع التي يستهلكها الأميركيون.
وبالتالي، قد يترتب على هذه الزيادة المحتملة في التكاليف أن يقوم الأميركيون بالبحث عن بدائل أقل تكلفة في الأسواق الخارجية، وخصوصاً في الأسواق العربية التي تتمتع بوفرة كبيرة في المنتجات المتنوعة وبأسعار تنافسية.
ومن المحتمل أن يؤدي هذا التوجه إلى خلق فرص تجارية جديدة للأسواق العربية، حيث يمكن أن يستفيد التصدير العربي من التغيير في سلوك المستهلك الأميركي.فهل سيكون للبنان نصيب من هذا التغيير؟ وهل ستنعكس رسوم ترامب على الصادرات اللبنانية؟
على الرغم من الفرص الجديدة المحتملة التي قد تفتحها رسوم ترامب على الصادرات العربية، إلا أن تأثير هذه الرسوم على لبنان يعتمد على عدة عوامل ومجالات صادراته. فلبنان يتمتع بقطاع تصدير متنوع، يشمل منتجات زراعية مثل الحمضيات والفاكهة والخضروات بالإضافة إلى المنتجات الصناعية.
إذا كان هناك تصدير لبناني يمكن أن يستفيد من التوجه الأميركي المحتمل نحو الأسواق العربية، فإن المحاصيل الزراعية والمنتجات الزراعية المعالجة قد تكون في طليعة المنتجات التي ستنال من هذا التغيير.
على سبيل المثال، يمكن أن يكون لبنان مشرّعاً لزيادة تصدير الحمضيات والفاكهة مثل البرتقال والتفاح إلى السوق الأميركي، حيث قد تزداد الطلبات على هذه المنتجات بسبب أسعارها المنافسة.
ومع ذلك، يجب أن يأخذ الاقتصاديون والصناعيون في لبنان أيضًا في الاعتبار التحديات المحتملة التي يمكن أن تطرأ على صادراتهم، نتيجة الحرب التجارية الأميركية.
في هذا السياق، رأى نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش أن زيادة ترامب للرسوم الجمركية على معظم الدول، وخصوصاً الدول المنافسة للبنان مثل الصين، قد ترفع فرص التصدير اللبناني إلى السوق الأميركية.
وفقًا لبكداش، فإن رسوم الاستيراد على البضائع الصينية تبلغ 34%، بينما تصل رسوم البضائع المستوردة من لبنان إلى 10% فقط، هذا الفرق الكبير يمكن أن يجعل السوق اللبنانية أكثر جاذبية للشركات الأميركية، التي قد تبحث عن بديل لمنتجات الصين.
وأشار بكداش إلى أن “الأميركيين يمكن أن يطلبوا بضائع لبنانية ذات جودة أعلى وأسعار تنافسية مع المنتجات الصينية”.
وأوضح بكداش أن التصدير والاستيراد بين لبنان والولايات المتحدة حتى اليوم خجولًا.
وقال: “لم يكن هناك نشاط تجاري كبير بين البلدين، حيث توقفت هذه العملية منذ حوالي السنتين. يُعزى ذلك جزئيًا إلى البعد الجغرافي بين لبنان وأميركا، الذي جعل من الصادرات خجولة. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر السوق الأميركي من الأسواق الصعبة، التي تتطلب عملاً جادًا من قبل السفارة الأميركية في لبنان، أو من قبل وزارة الصناعة أو جمعية الصناعيين للتصدير إلى الولايات المتحدة”.
في المحصلة، لإعادة توطين الصادرات اللبنانية في السوق الأميركية في هذه الفترة من التغييرات التجارية، يجب على لبنان التركيز على تعزيز جودة وتنافسية صادراته، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية الحالية مثل اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى السعي لبناء علاقات تجارية أقوى مع دول أخرى للحد من الاعتماد على أي سوق واحد.