/ محمد حمية /
رغم اختلاف المعايير والظروف بين الانتخابات النيابية في لبنان وبين الانتخابات في الخارج، لكن اقتراع المغتربين يشكل عينة للانتخابات في لبنان في 15 أيار المقبل.
تجاوزت نسبة الاقتراع في الجولة الأولى من انتخابات الخارج ليل السبت – الأحد 58 في المئة، مقابل 56 % في انتخابات 2018، أي بزيادة حوالي 2 في المئة، مع لحظ أن الانتخابات في القارة الأميركية ستستمر إلى الغد، جاءت المفاجأة الانتخابية من الدول العربية والخليجية، حيث عاكست التوقعات التي كانت تشي بكثافة الاقتراع انسجاماً مع التوجهات والسياسات السعودية في لبنان، فقد انخفضت نسبة الاقتراع في أغلب الدول التي اقترع اللبنانيون فيها الجمعة الماضي، ما يرسم علامات استفهام عدة حول أسباب ذلك.
ففي جولة على نسب التصويت في هذه البلدان، يظهر تراجع واضح عن انتخابات العام 2018، لا سيما على صعيد الصوت السني، بحسب ما أفادت مصادر المندوبين.
ففي قطر بلغت نسبة الاقتراع في العام 2018، 76.7 في المئة، مقابل 66.4 في المئة في العام 2022، أما في السعودية فبلغت 62،4 في المئة في العام 2018، مقابل 49.5 في المئة 2022، وفي الكويت بلغت 69 في المئة العام 2018، أما في 2022 فبلغت 65.7 في المئة.
وكذلك انخفضت النسبة في مصر من 51 في المئة الى 47 في المئة، وفي سلطة عمان من 74.7 في المئة الى 66.6 في المئة.
واللافت هو انخفاض نسبة الاقتراع في السعودية حوالي 10 في المئة عن الانتخابات الماضية، ما يعني “انتصار” شعار المقاطعة الذي رفعه الرئيس سعد الحريري على توجهات ودعوات دار الفتوى التي تماهت مع توجيهات المملكة، رغم الضغط السياسي والمعنوي الذي مورس على اللبنانيين في الخليج وفي المملكة تحديداً، ما يُشكل عينة من توجه الشارع المستقبلي والسني عموماً في لبنان والمرجح أن يقاطع بنسبة كبيرة منه الانتخابات تعاطفاً مع رئيس تيار المستقبل. إذ أن مقاطعة جزءاً كبيراً من السنة للانتخابات في السعودية، يعطي مؤشراً لما سيكون عليه التصويت السني في باقي الدول التي تمنح حرية وديموقراطية في التصويت، وأريحية للمغتربين بممارسة قناعاتهم وخياراتهم السياسية والانتخابية، كما في أوروبا وأميركا وأستراليا وكندا.
أما نسبة التصويت في أبو ظبي فبلغت 63%. وفي دبي 52 %، ما يعكس الحضور اللبناني الوازن في الامارات، بعد موجة هجرة اللبنانيين إلى دبي وأبو ظبي إثر عاصفة الأحداث التي ضربت لبنان منذ 17 تشرين 2019.
أما دول أوروبا التي تضم 70 ألف ناخب، فتأثر المغتربون فيها أيضاً بالأحداث والتطورات في لبنان في العامين الماضيين، فقد اقترع منهم 19,000 بنسبة 27,3%.
فرنسا 28 ألف ناخب أي بنسبة 16%.
تركيا التي تضم ألف ناخب اقترع منهم 506.
المانيا 16 ألف ناخب اقترع منهم 4100 بنسبة 25%.
افريقيا 17500 ناخب اقترع منهم 3700 ناخب بنسبة 21%.
والمثير للملاحظة هو سقوط الرهانات على “المجتمع المدني” و”قوى التغيير”، فقد ثبتت الأحزاب حضورها وقوتها من جديد، في مقابل ضعف وتشتت تنظيمات المجتمع المدني التي لم تخض المعركة الانتخابية ضمن لوائح موحدة، بل لوائح عدة، ما يعكس التشتت والضياع وغياب قيادة وهوية وأهداف واحدة ومعروفة، إذ تقول مصادر المندوبين في بريطانيا إن الناخبين الذين وصلوا الى مراكز أقلام الاقتراع لم يعرفوا لوائح “قوى التغيير” التي سمعوا عنها في وسائل الاعلام اللبنانيةّ! الامر الذي سيشتت الصوت المواجه للأحزاب الى لوائح عدة بحسب خبراء انتخابيون، ما يفقد أصوات “المجتمع المدني” التأثير والاهمية في النتائج النهائية.
وقد ظهر الحضور الحزبي الوازن في أكثر من دولة: حركة أمل في ألمانيا وافريقيا وأستراليا، “القوات” و”التيار الوطني الحر” في بعض الدول الأوروبية وكندا، وأحزاب 14 آذار في الامارات. وبالتالي ستنال الأحزاب، لا سيما المنضوية تحت لواء تحالف المقاومة والتيار الوطني الحر، الجزء الأكبر من الأصوات في انتخابات 15 أيار وفق التوقعات، كون الشارع لن يستجب للحملات على حزب الله كما يشتهي الأميركيون والسعوديون، أما القسم الذي راهن على “قوى التغيير” وتجمعات “الثورة”، فسيترجم خيبة أمله من هذه الحركات بالإحجام عن الاقتراع أو الاقتراع للأحزاب أو بورقة بيضاء.
وبحسب الخبراء فإن الصوت المغترب سيؤثر في 5 دوائر بشكل مركز، لا سيما في زحلة وبيروت، وطرابلس، الكورة وزغرتا والبترون وبشري، والبقاع الغربي – راشيا.
وفيما يفسر استنفار شارع المقاومة النسب المرتفعة في كل من ايران والعراق وسوريا، تعكس النسب المرتفعة في معظم الدول الأخرى، تأثر اللبنانيين بالخارج بالأحداث التي شهدها لبنان منذ ال2019، وتأثير الاعلام في لبنان في خيارات المغتربين من خلال الصورة التي يبرزها ضد سلاح حزب الله ودوره الإقليمي، وتأثير ذلك على تردي الاوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان. وقد بدا التصويت ضد “السلاح” وضد التيار الوطني الحر واضحاً في دول الخليج والامارات والسعودية وعمان تحديداً، وبعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الاميركية، لكن الواضح هو التصويت السياسي الوازن لحركات 14 آذار وللقوات في الدول الخليجية، لا سيما السعودية والامارات، وكذلك في دول أوروبية عدة، لا سيما فرنسا وبريطانيا وأميركا. ويشير الخبراء إلى أن “القوات” هو الحزب الأقوى الذي ينشط ويعمل بشكلٍ منظم في أكثر من دولة، وبالتالي سيحصل على نسبة أصوات في الخارج تفوق ما سيحصل عليه “التيار الوطني الحر”.
جاء نبض التصويت في بلاد الاغتراب ليتماهى مع المزاج العام لللبنانيين في الداخل، وبالتالي يتوقع الخبراء نسب اقتراع متفاوتة في لبنان في 15 أيار.