… وسقطت هدى شديد.
كان صراعها مع المرض الخبيث طويلاً، انتصرت فيه مراراً، وربحت عليه جولات، وعلى مدى سنوات…
بعد كل جولة، كانت هدى شديد تطوي صفحة الألم، وتنهض، وتستأنف حيويتها، وتستعيد نشاطها، وتتناسى “حربها” الضروس…
لكن المرض كان بعد كل جولة تهزمه فيها هدى شديد، يحضّر نفسه لجولة أكثر عنفاً، ويستشرس في المواجهة، و”يثأر” من غريمته، وكأن رباطة جأشها تقهره، وعزيمتها تستفزه، وصمودها يقتله…
في الجولة الأخيرة… كانت هدى قد تعبت من المواجهات المتتالية… شعرت أنها لم تعد قادرة على الصمود. حاولت المكابرة، والتظاهر بأنها ما زالت قوية، لكنها كانت تُخفي قناعتها بأنها وصلت إلى الجولة الأخيرة، وأنها هذه المرة لن تستطيع الصمود أمام الهجوم الشرس الذي ينفذه وحش السرطان.
استسلمت هدى شديد، وقد علمت أنها تعيش أيامها الأخيرة…
في 7 آذار 2025، كرّم رئيس الجمهورية هدى شديد في بعبدا، وبعد ذلك اليوم غابت بالصورة والصوت… حتى أسلمت روحها.
سيكون الشغف بالمهنة ناقصاً، وهو الذي عرف فيها حيوية وتسابقاً وشغفاً لا يهدأ…
وداعاً هدى شديد…
هدى شديد في سطور
حقّقت هدى شديد شهرة خلال عملها في مجال الصحافة والإعلام، بسبب جرأتها وشغفها الدائم بالمهنة والبحث عن المعلومة والخبر والفكرة.
ولدت في 15 أيلول 1965. بدأت مسيرتها الإعلامية في العام 1987 في “إذاعة لبنان الحر الموحّد” (إذاعة إهدن)، ثم انتقلت إلى بيروت للعمل في صحيفة “اللواء” ومنها إلى صحيفة النهار، ثم إلى “المؤسسة اللبنانية للإرسال” (LBC) التي استمرت فيها حتى وفاتها.
أصيبت بداء السرطان قبل نحو 11 سنة، واجهت المرض بشجاعة وشاركت تجربتها مع الجمهور لتكون مصدر إلهام للكثيرين.