الأمن أسير احتمالات.. ولبنان في عين العاصفة

لبنان في عين العاصفة، ومضغوط بجبهتَين إسرائيلية وسورية مفتوحتَين على احتمالات خطيرة جداً، وخصوصاً في هذه المرحلة التي استأنفت فيها إسرائيل حرب الإبادة الشاملة لقطاع غزة، بالتزامن مع تصعيد ملحوظ في وتيرة اغتيالاتها واعتداءاتها على المناطق اللبنانية في الجنوب تحديداً وصولاً إلى عمق البقاع. وتجنّباً لهذه الاحتمالات يتحرّك لبنان الرسمي على أكثر من خط دولي وعربي للحؤول دون مفاقمة الوضع أكثر، مراهناً على الدور الأساس للولايات المتحدة الأميركية في الضغط على إسرائيل ووقف اعتداءاتها، ومراهناً أيضاً على جهات عربية وإقليمية لردع المجموعات السورية على الحدود ومنع ممارساتها الاستفزازية والعدوانية، التي تتقاطع مختلف القراءات والمقاربات السياسية على الخشية من أن تكون خلف تلك الممارسات نوايا لهجومات وجرائم لاحقة، وإيقاظ فتنة طائفية ومذهبية لا تقلّ خطورة عن العدوان الإسرائيلي، لا بل ربما تفوقه.

وإذا كانت المستجدات الأمنية على الجبهة السورية قد أُخضِعت إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، إلّا أنّ السؤال يدور حول الإمعان الإسرائيلي في التصعيد على جبهة لبنان، واللافت في هذا المجال التخوّف الذي أبداه أحد كبار المسؤولين من أن تسعى إسرائيل إلى تمديد التصعيد العنيف الذي بدأته في اليومَين الأخيرَين في غزة إلى جبهة لبنان. وعلى ما نُقِلَ عن هذا المسؤول: “الدولة تقوم بمسؤولياتها على المسار الديبلوماسي والسياسي، لكن لنكن صريحين، لم يَصدُق أحد معنا في ضبط إسرائيل ومنع اعتداءاتها، وفي هذا الجو الأفق مسدود والوضع في منتهى الدقة والخطورة، وقد تبادر إسرائيل إلى أي عمل عدواني، وإن حصل ذلك واجبنا أن نواجهها على كل المستويات ونحمي بلدنا”.

وفي السياق عينه، أكد مطلعون على أجواء “حزب الله” في الثنائي، رداً على سؤال لـ”الجمهورية”، أنّ “إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة للقيام بأي عدوان” إلّا أنه قلّل من احتمال تمدّد التصعيد الإسرائيلي من غزة إلى لبنان، فالحزب لا يبدو أنّه في وارد الإنجرار إلى التصعيد، وقراره ألّا يتجاوز الدولة اللبنانية التي هي المسؤولة وأخذت على عاتقها التحرّك السياسي والديبلوماسي. وأمّا الأهم فهو أنّ “إسرائيل التي تبدو وكأنّها تتحرّك بكامل حرّيتها في غزة برعاية مباشرة من الولايات المتحدة، قد لا تتمكن من ذلك على جبهة لبنان، خصوصاً أنّ حزب الله ما زال يملك من القدرات من حيث القدرة والتأثير من النوع الذي يُهدِّد العمق الإسرائيلي”.