السبت, ديسمبر 13, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداثهل انتقلت القاهرة إلى ضفة "التمرّد" على واشنطن؟

هل انتقلت القاهرة إلى ضفة “التمرّد” على واشنطن؟

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| دايانا شويخ |

مرّ أسبوعان على عقد القمة العربية غير العادية في القاهرة، لصياغة موقف عربي موحّد ضد مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يقضي بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن. منذ ذلك الحين بدأ الصمت الأميركي يهيمن على المشهد إلا من بعض التصريحات والردود على أسئلة الصحفيين في ما يخص المقترح. ويمكن القول إن التراجع الأميركي حتى الآن يعود إلى بضعة أسباب، منها الإقتناع بعدم واقعية المشروع وصعوبة تنفيذه، ومعارضته بشدة من قبل بعض الأصوات الإسرائيلية لما قد يحدثه من ضرر على الصعيدين الإقليمي والدولي، وإدراك ترامب أن مشروعه هذا ينسف كل مخططات السلام التي وعد بها بعد تسلّمه سدة الرئاسة، وأولها إنهاء الحرب الأوكرانية الروسية وتهدئة الشرق الأوسط. إذن، يمكن تفسير هذا الصمت الأميركي، إما أن المشروع ألغي أو قد تم تجميده.

هل إستطاع القادة العرب ترويض رغبة ترامب؟

بعيداً عن مضمون القمة وما ورد على لسان القادة العرب المشاركين، كان الجدير بالإنتباه هو غياب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد – الشخصيتان اللتان تمثلان ثقل البلدان التي لها وزن في المنطقة العربية – مسلّمين الدفّة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي أبدى إلتزامه منذ البداية بموقف واضح وحاد برفض “تطهير” قطاع غزة وتهجير ما يصل إلى مليوني فلسطيني إلى مصر والأردن. وتصدره للمشهد وحده يعني أن مصر قررت خوض غمار المواجهة مع الولايات المتحدة والوقوف في وجه كل أوراق الضغط. ولكن بيت القصيد هو، لماذا؟
كان لتوقيع إتفاق كامب ديفيد للسلام بين مصر و”إسرائيل”، في العام 1978، أهمية في تحديد شكل العلاقات المصرية ـ الأميركية، والتي لم تكن يوماً علاقات ثنائية محصورة بين البلدين، بل علاقة ثلاثية تحكمها المصالح الإسرائيلية أولاً. ولم يكن الدعم الإقتصادي والعسكري الذي قدم بعد الإتفاق متساوٍ لكلا البلدين، بل كان النصيب الأكبر لـ”إسرائيل”، والتطابق الإسرائيلي ـ الأميركي في المواقف أضعف مكانة مصر في تلك العلاقة. وهذا ما يفسر شرخ العلاقات المصرية ـ الأميركية، فالحسابات الأميركية بُنيت على التعاون الأمني والإستخباراتي بالدرجة الأولى مع مصر، وإستغلال قوتها الناعمة في المنطقة العربية لتسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، خاصة في لعب دور الوسيط بين أميركا و”إسرائيل” من جهة والفلسطينيين من جهة أخرى. وبالتالي أجبرت مصر على الإنصياع الى الأهداف الأميركية، بعيداً عن خلق رؤية مستقلة تمكنها من الحفاظ على أمنها القومي.

هل ترضخ مصر للإبتزاز الأميركي؟

اللقاء الأخير الذي إلتقطته كاميرات الإعلام في وشنطن، والذي جمع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بنظيره الأميركي ماركو روبيو، حمل دلالات عدة، فلم تكن الرسالة مقتصرة على التصريحات فقط، بل عكست لغة الجسد مواقف متباينة، مرة تعكس التحدي والإستعلاء بما يفسر عدم تراجع القاهرة عن ثوابتها والتمسك بخيار خوض المعركة الدبلوماسية من موقع القوة، وأخرى تعكس ترحيباً ودوداً لا يحمل أي تحد. أما الحدث الآخر الذي يشكل أهمية في محاولة فهم سير العلاقة بين البلدين، هو الإعلان عن إلغاء زيارة الرئيس السيسي إلى واشنطن بعد لقاء الملك الأردني بالرئيس الأميركي دونالد ترامب وما رافق ذلك من محاولة إذلال للملك الأردني، وجاء الإلغاء رغم كلام الرئيس ترامب أنه سوف يستقبل الرئيسين المصري والأردني ليبحث معهما مشروعه، معلناً ثقته انهما في النهاية سوف يقبلان وذلك كمقابل للمساعدات الأميركية المقدمة لهما.
وصل إجمالي مساعدات واشنطن للقاهرة، بحسب وزارة الخارجية الأميركية خلال عام 2024 الى 1.5 مليار دولار، وتستحوذ المساعدات العسكرية على النسبة الأكبر حيث تبلغ 81 بالمئة، فيما تشكل المساعدات الاقتصادية 18 بالمئة من إجمالي العدد. فهل يمكن للابتزاز الأميركي لمصر بالمعونات العسكرية أن يكون كافيا لخضوع الأخيرة إلى الضغوطات الأميركية؟
لا يمكن حصر قضية تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية بشخص الرئيس السيسي فقط، بل إن القضية تتعلق بالسيادة الكاملة لشعب مصر وأراضيها. وإحتجاجات القوى السياسية والشعبية التي جرت أمام معبر رفح تؤكد التمسك بالقرارات الشرعية الدولية ورفض أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية والمساس بالأمن القومي المصري. فهل سيتمسّك الرئيس السيسي بقرار إسقاط المشروع الأميركي في المنطقة أم أنه سيتراجع؟

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img