الأربعاء, ديسمبر 17, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderالفوضى تقترب من نقطة اللاعودة.. والطائفية تنهش سوريا!

الفوضى تقترب من نقطة اللاعودة.. والطائفية تنهش سوريا!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| فرح سليمان |

في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها سوريا، يبدو أن البلاد تقف على حافة هاوية جديدة، حيث تتصاعد التوترات الطائفية والعسكرية، وتتهاوى محاولات إعادة الاستقرار تحت وطأة العنف والانقسامات.

ما يحدث اليوم ليس مجرد صراع عسكري أو سياسي فحسب، بل هو اختبار حقيقي لـ”سلطة الشرع”، لكن ما نراه هو فوضى عارمة تختفي خلف شعارات براقة.

في الأيام الأخيرة، شهدت مناطق الساحل السوري، وبخاصة في محافظتي اللاذقية وطرطوس، أعمال عنف مروعة راح ضحيتها مئات المدنيين، لتتوالى الانتهاكات التي يرتكبها عناصر الأمن التابعين للإدارة السورية الجديدة، بالتوازي مع هجمات سريعة ينفذها مسلحون ضد قوات الأمن، والتي أظهرت مقاطع مصورة أنها أسفرت عن مقتل عدد من أفراد هذه القوات، ويظهر في هذا السياق عدد من البيانات التي تعلن تشكيل مجموعات هدفها محاربة النظام، من أبرزها بيان تشكيل “لواء درع الساحل”، وبيان آخر عن “مجلس عسكري لتحرير سوريا”، وقع عليه عميد سابق في الجيش السوري.

وتزامنت تلك الهجمات مع رد عنيف من قوى الأمن التي استخدمت الحوامات والمدفعية في ريف اللاذقية، في وقت شهدت فيه مدن طرطوس وجبلة وبعض مناطق دمشق (مثل المزة) تظاهرات خرجت استجابة لدعوات عبر صفحات على “فيسبوك” من مجموعة “المجلس الإسلامي العلوي الأعلى”، وهو مجلس ديني جديد يقول إنه يمثل الطائفة العلوية.

وفي البيان الصادر عن المجلس، دعا إلى الاحتجاج “السلمي” ضد الانتهاكات التي تتعرض لها مناطق الساحل، مشيرًا إلى أن مطلبهم كان دائمًا تسليم قائمة المطلوبين وإنهاء الانتهاكات.

إلى جانب ذلك، أصدر الناشطون بيانًا يعلن إنشاء “مجلس عسكري لتحرير سوريا”، مشيرين فيه إلى فشل النظام في حماية المواطنين، وموضحين أهداف المجلس التي تشمل تحرير الأراضي السورية من القوى المحتلة والإرهابية، وإسقاط النظام القائم، وتفكيك أجهزته القمعية، وبناء دولة وطنية وديمقراطية.

من جهتها، أعلنت إدارة الأمن في اللاذقية تعرضها لهجمات من فلول “الميليشيات”، حيث استهدفت هذه الهجمات عدة نقاط أمنية وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى.

وصرح المسؤولون بأنهم استنفروا قواتهم وتمكنوا من صد الهجوم، واللافت هنا هو محاولة تبرير هذه الأعمال تحت مسمى “الأخطاء الفردية”، كما جاء في تصريحات رسمية، لكن كيف يمكن وصف عمليات قتل منظمة وواسعة النطاق بأنها “أخطاء فردية”؟ هذا التناقض في الخطاب الرسمي يثير تساؤلات حول مدى قدرة السلطات الحالية على فرض النظام، خاصة عندما تكون بعض القوات الأمنية نفسها منحازة أو مشاركة في أعمال العنف.

الطائفية: الشبح الذي يعود من جديد

لا بد من الإشارة إلى أن الهجمات التي استهدفت قرى وبلدات ذات أغلبية علوية، وكذلك الدعوات إلى “الجهاد” التي أطلقت من بعض المساجد، تعيد إلى الأذهان أسوأ أيام الحرب الأهلية.

الطائفية، التي كانت أحد أبرز أسباب الصراع السوري، تعود اليوم بقوة، مدعومة بخطاب تحريضي يغذيه انعدام الثقة بين المكونات الاجتماعية المختلفة، هذه الحالة تستحضر مشاهد من الحرب الأهلية حيث تم استخدام الطائفية كأداة لتأجيج الصراع، وهو ما يهدد بإعادة تقسيم البلاد وجرّها إلى فوضى أكبر.

الدور الإقليمي والدولي
لا يمكن فهم ما يحدث في سوريا دون النظر إلى الدور الإقليمي والدولي، فالدعم الذي تتلقاه بعض الفصائل المسلحة، وكذلك الوجود العسكري الروسي والأميركي، يلعب دورًا كبيرًا في تعقيد الأوضاع، ففي حين تدعي بعض القوى الدولية أنها تدعم “الاستقرار”، فإن أفعالها على الأرض غالبًا ما تخدم أجندات بخاصة تزيد من تأجيج الصراع.
روسيا، على سبيل المثال، والتي تعتبر حليفًا رئيسيًا للنظام السوري، لا تزال تحلق طائراتها في أجواء المنطقة، وكأنها ترسل رسالة مفادها أنها لن تسمح بتغيير موازين القوى لصالح أي طرف آخر، هذه الرسالة لا تعكس إلا رغبة موسكو في إبقاء الوضع الراهن من دون تغيير، مما يفاقم الأزمة ويعزز من قدرة مناصري النظام.

في المقابل، تبدو الولايات المتحدة منشغلة بأجندات أخرى، تاركة الساحة السورية لمزيد من الفوضى، هذا التجاهل الدولي يزيد من عزل سوريا ويتركها فريسة للتوترات الداخلية والخارجية.

وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض الأطراف الدولية لإيجاد تسوية للأزمة السورية، فإن الواقع على الأرض يشير إلى أن الحلول السلمية قد تكون بعيدة المنال، فكلما ازدادت الانقسامات الداخلية واشتدت المواجهات، زادت الحاجة إلى تدخل حقيقي وفعال من قبل المجتمع الدولي لحل الأزمة، وهو ما لم يظهر حتى الآن.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img