| فرح سليمان |
يُعتبر اليوم العالمي للمرأة مناسبة سنوية تُحتفل بها في مختلف أنحاء العالم في 8 آذار من كل عام، تقديرًا لإنجازات المرأة في جميع المجالات، وتسليط الضوء على التحديات التي لا تزال تواجهها في سبيل تحقيق المساواة، هذا اليوم ليس مجرد احتفال، بل هو فرصة لتقييم التقدم المحرز في مجال حقوق المرأة، والمطالبة بالمزيد من الإصلاحات لضمان تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين.
متى بدأ الاحتفال به؟
تعود جذور الاحتفال بهذا اليوم إلى أوائل القرن العشرين، عندما كان النساء يعانين من ظروف قاسية في العمل، ويتعرضن للتمييز والظلم، في 8 آذار 1908، خرجت مجموعة من النساء العاملات في نيويورك في مسيرة احتجاجية للمطالبة بتحسين ظروف العمل، وزيادة الأجور، وتحقيق المساواة، وكان هذا الحدث نقطة تحول في نضال المرأة، حيث بدأت الحركات النسائية تكتسب زخمًا عالميًا.
في عام 1910، اجتمعت ناشطات من 17 دولة في مؤتمر “كوبنهاغن” للنساء العاملات بقيادة الناشطة الاشتراكية الألمانية كلارا زيتكين، التي اقترحت تخصيص يوم عالمي للمرأة يكون رمزًا للنضال من أجل الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنساء.
لاقى الاقتراح إجماعًا، وفي 19 آذار 1911، احتفلت كل من النمسا، والدنمارك، وألمانيا، وسويسرا بهذا اليوم لأول مرة، لكن في عام 1913، تم تحديد 8 من هذا الشهر ليكون الموعد الرسمي لهذه المناسبة، وهو التاريخ الذي لا يزال معتمدًا حتى اليوم.
وفي عام 1975، اعترفت الأمم المتحدة رسميًا باليوم العالمي للمرأة، وأصبح منذ ذلك الحين مناسبة عالمية تُنظم فيها فعاليات تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة، وتُطرح فيها قضايا تتعلق بالمساواة وتمكين النساء.
الدول التي تحتفل باليوم العالمي للمرأة
يُحتفل بهذا اليوم في مختلف أنحاء العالم، حيث يعتبر عطلة رسمية في بعض الدول مثل روسيا، والصين (للموظفات نصف يوم عطلة)، وفيتنام، وأوكرانيا، وبلدان أخرى، كما يُنظم في العديد من الدول الأوروبية والعربية فعاليات توعوية، وندوات، ومسيرات لدعم حقوق المرأة، وتسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها.
نضال مستمر
رغم التقدم الذي أُحرز في العقود الأخيرة، لا تزال المرأة تواجه تحديات عديدة، من فجوة الأجور بين الجنسين، إلى التمييز في أماكن العمل، وانعدام التمثيل العادل في المناصب القيادية والسياسية، ويهدف اليوم العالمي للمرأة إلى تسليط الضوء على هذه القضايا، وتشجيع الحكومات والمجتمعات على اتخاذ خطوات فعلية لتحقيق المساواة.
تشمل حقوق المرأة الأساسية:
المساواة في الأجور، التمثيل السياسي (فرغم تحسن الأوضاع إلا أن نسبة النساء في البرلمانات والمناصب الوزارية لا تزال منخفضة في بعض الدول)، القضاء على العنف ضد المرأة…
شعارات المرأة عبر السنوات
يُخصص لكل عام شعار يعكس القضايا والتحديات التي تواجه المرأة حول العالم، بهدف توجيه الأنظار نحو حقوقها وتحفيز الجهود لتحقيق المساواة.
“لجميع النساء والفتيات: الحقوق، المساواة، التمكين”: يركز شعار عام 2025 على ضرورة تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين من خلال ضمان حقوق النساء والفتيات في جميع جوانب الحياة، سواء في التعليم، أو العمل، أو المشاركة السياسية، ويهدف هذا الشعار إلى تعزيز الجهود العالمية للقضاء على التمييز وتحقيق تمكين حقيقي للمرأة.
شعار عام 2024: “الاستثمار في النساء: تسريع التقدم”: تمحور هذا الشعار حول أهمية دعم وتمويل المبادرات التي تعزز حقوق المرأة وتوفر لها فرصًا متساوية في المجتمع، مؤكدًا أن الاستثمار في النساء يساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
شعار عام 2023: “الرقمنة للجميع: الابتكار والتكنولوجيا من أجل المساواة بين الجنسين”: ركز على دور التكنولوجيا والابتكار في تعزيز المساواة بين الجنسين، وسلط الضوء على أهمية إشراك النساء في قطاع التكنولوجيا لضمان تمثيل عادل لهن في مستقبل التحول الرقمي.
شعار عام 2021: “نحن أقوياء: قيادة النساء للمعركة ضد كوفيد-19”: اعترف هذا الشعار بالدور الريادي الذي لعبته النساء خلال جائحة كورونا، سواء في مجال الرعاية الصحية، أو البحث العلمي، أو إدارة الأزمات، مؤكدًا على أهمية دعم القيادات النسائية في الأوقات الصعبة.
تهدف الشعارات السنوية إلى تسليط الضوء على قضايا معينة تتعلق بتمكين المرأة، وتحفيز المجتمعات والحكومات على اتخاذ خطوات حقيقية لدعم المساواة، كما تُستخدم هذه الشعارات في الحملات التوعوية والفعاليات التي تُنظم حول العالم، لتعزيز الوعي بحقوق المرأة والتحديات التي تواجهها.
يبقى اليوم العالمي للمرأة مناسبة لتجديد العهد بمواصلة النضال من أجل حقوق النساء، وتحقيق العدالة والمساواة، وبناء مجتمعات أكثر عدالة وإنصافًا للجميع.
هذا اليوم ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو محطة لمراجعة الإنجازات، وتقييم التحديات، وتجديد العهد بمواصلة النضال من أجل تحقيق العدالة والمساواة، فالمجتمعات التي تعطي النساء حقوقهن الكاملة، هي مجتمعات أكثر ازدهارًا وتقدمًا، حيث يكون الجميع قادرًا على تحقيق إمكاناتهم دون تمييز أو قيود.














