صَخَبٌ انتخابيٌ معَ تآكلِ المهلِ الفاصلةِ عن موعدِ الاقتراع، وعلى بعدِ ساعاتٍ من الخميسِ – كأولِ صمتٍ انتخابيٍ على نيةِ افتتاحِ صناديقِ الخارجِ يومَ الجمعة..
والى الآنَ لم تَخرج بعضُ البرامجِ الانتخابيةِ عن لازمةِ التبجحِ والعنترياتِ والكَذِبِ السياسيِّ والاتهاماتِ بعيداً عن مشاريعِ الانقاذِ الاقتصادي ورؤى الحلِّ السياسي الحقيقي للازمةِ المتجذرة، فيما الفروعُ جميعُها تعودُ لجِذعٍ سياسيٍ واحدٍ يريدُ ضربَ اللبنانيينَ بعضَهم ببعضٍ خدمةً لإمرارِ المشاريعِ الملتويةِ التي اَسقطها اللبنانيون مراراً، ويعودُ اصحابُها اليومَ بلغةِ الحصارِ الاقتصادي والتخوينِ والشتمِ والتهويل ..
وقبلَ ان تنقضيَ عطلةُ العيد، ابلغَ المعطلونَ لكلِّ حلٍّ ولو جزئياً للازمةِ الراهنة، المطلعونَ على مصادرِ قرارِ محاصرةِ البلدِ واهلِه، بانَ كلَ الامورِ معلقةٌ الى ما بعدَ الانتخابات، لاستثمارِ كلِّ الضغطِ املاً بانتزاعِ موقفٍ من اللبنانيين يُفرّطُ بمصادرِ قوّتِهم وصلابةِ سيادتِهم ومَنْعَتِهِم..
امّا المبتلَوْنَ بالمالِ الانتخابي والتصحرِ السياسي، فبدلَ اَن يَستتروا تراهُم يسارعونَ الى اتهامِ الآخرينَ والتطاولِ على كراماتِهم، فمن على منبرِ بعلبك الهرمل حرّضَ مرشحُ القواتِ انطوان حبشي، متهماً اهلَ الحميّةِ والرجولةِ والمواقفِ الوطنية – اهلَ بعلبك الهرمل – بالخضوعِ للترغيبِ والترهيبِ وشراءِ الذممِ بالمالِ الانتخابي، وهُم من قدمَ الدمَ دفاعاً عن كرامتِهِم وعزةِ اهلِهم وحريةِ وطنِهم، فهل يُشرى مثلُ هؤلاءِ بالمال؟ او هل يخضعون لتهديدٍ من هنا او تهويلٍ من هناك؟
انها الحيلُ الانتخابيةُ الباليةُ التي لم يجد غيرَها بعضُ المتحسسينَ صعوبةَ موقفِهم الانتخابي، الذين يعانون من ازمةِ مقبوليتِهم لدى الناسِ مهما حاولوا تبييضَ سجلاتِهم او نفخَ عضلاتِهم السياسيةِ بفيتاميناتِ الخارج ..
في الداخلِ الفلسطينيِّ المحتلِّ نفيرٌ لنصرةِ القدس، وتحذيرٌ للاحتلالِ وَجهتهُ فصائلُ المقاومةِ من ان تدنيسَ الاقصى من قبلِ المستوطنين سيأخذُ الامورَ الى منحىً آخر، لن يجدَ الاحتلالُ قدرةً على التعاملِ معه.
إنه الوقت ليقول المغترب كلمتَه … وأخيرًا سيقولها اعتبارًا من بعد غد الجمعة ثم الأحد … من أميركا إلى اوستراليا، ومن أوروبا إلى أفريقيا … على رغم كل الملاحظات على ما سمِّي ” شوائبْ “، وعلى رغم أن الخارجية ردَّت بأن ” ما كُتِب قد كُتِب “، فإن الإغتراب سيستطيع أن ينتخب : لا ضغطَ عليه، لا مشاكلَ تقنية تتعلق بالكهرباء مثلًا، وكما التعويلُ في الداخل على كثافة الاقتراع، كذلك التعويلُ في بلدان ِ الاغتراب على كثافة الاقتراع … أكثرَ فأكثرْ سيشارك المغترب في العملية الانتخابية وفي الخيارات السياسية الناجمة منها، وارتباطُه بلبنان لم يعد مجرد ” نوستالجيا ” إلى الكِبِّة والتبولة وكاس العرق، بل بوطن يعود المغتربون إليه، لا أن يصبح المقيمون مغتربين .
وعشية َ بدء الصمت الإنتخابي، الذي يمتد من غدٍ الخميس إلى يوم الأحد، الجميعُ ” لحَّقوا حالن” في الكلام، فتداخلت المواعيدُ والمهرجانات والمؤتمرات والمواقف والبيانات، إلى درجةٍ لم يعد للوائح الوقتُ الكافي لتقديم أحدث إطلالاتها .
في سياق المواقف الخارجية من الانتخابات، كان لافتًا جدًا المقال الذي أوردته صحيفة عكاظ السعودية تحت عنوان : “مقاطعةُ الحريري.. انقلاب على الطائفة السنية “.
ومما جاء في المقال : ” مصدر سني رفيع المستوى قال لـ عكاظ أن الحريري لم يدرك حتى اللحظة أن ما قام به ليس انقلاباً في وجه القوى السياسية بقدر ما كان ارتداداً على الطائفة السنيّة التي ما زالت تشعر بارتباكٍ في شارعها، ما منح «حزب الله» فرصة ً ذهبية بفتح باب الدعم على مصراعيه للشخصيات السنية الموالية لأجندته.
عند مُنتصفِ الليلة يُصفّرُ العدّاد إيذاناً ببَدءِ الصمتِ الانتخابي على مشارفِ انطلاقِ الجولة الأولى باقتراعِ المغتربين وعندَ لحظةِ الصمتِ الانتخابي.. قرّرتْ هيئةُ التحقيقِ الخاصة في مصرِف لبنان الخروجَ من دائرةِ صمتِها المالي، وتسليمَ المدّعي العام التمييزي كلَ حساباتِ رجا سلامة في ثمانيةِ مصارف على أنّ الحساباتِ الانتخابية تّقدَمت على ما عداها.. وقبلَ “صمت العَشية” تدافعتِ اللوائحُ على إعلانِ برامجِها الانتخابية.. ووَزّعت تشكيلاتِها لخوضِ المعركة.. ودَخلت مُعتركَ الأمتارِ القليلةِ الفاصلة مدجّجةً بكلِ ما أُوتيَت من مواقف وكمَن يُلقي كلَ ذخيرتِه الحية قبلَ الصيامِ عن الكلام.. أَفرغتِ اللوائحُ برؤسائِها ومرشحيها مخازنَ أسلحتِها المتوسطة والثقيلة، من زغرتا الزاوية إلى دار السلام زحلة، مروراً ببيروت مدينتي الحشدُ الانتخابي قبلَ السكوتِ عن الكلامِ المباح اختُرِقَ بمسيرةٍ لأهالي ضحايا تفجير المرفأ.. وفي وقفتِهم الشهرية رسالةٌ مباشَرة لتحكيمِ الضمائر قبل التوجّهِ إلى صناديقِ الاقتراع وعدمِ إعادةِ انتخابِ المجرمين وفي مَسعىً لإعادةِ رَصِّ صفوفِ المعارضة وتوحيدِ صوتِ قُوى التغيير في وجهِ لوائحِ السلطة انسحبتْ لائحة “بيروت مدينتي” تكتيكياً من دائرة بيروت الثانية، وجَيّرت أصواتَها لصالحِ لائحة “بيروت التغيير”.. وأبرزُ مرشحيها إبراهيم منيمنة ونقيبُ المحامين السابق ملحم خلف لكنّ هذه الخُطوة شَهِدت على حشدِ قواتٍ خاصة لخوضِ المعركة في دائرة بيروت الأولى وصعوداً نحوَ دائرةِ البقاع الأولى كانت مدينةُ زحلة تَرفعُ شعارَ المواجهة بإعلانِ لائحةِ الكتلة الشعبية التي قرّرت فيها رئيسةُ الكتلة ميريام سكاف ضربَ الأعيرةِ الثقيلة باتجاهِ القواتِ اللبنانية والنائب ميشال ضاهر وأحزابِ السلطة من دونِ تسميات والرشَقاتُ النارية في صندوقِ الخامس عشَر من أيار.. يوازيها انتزاعُ الرشَقات المالية من أيادي الهُواة والمتطوّعين ومُقدِّمي الخِدْمات من بيروت إلى باريس فقد عَلِمت الجديد أن هيئةَ التحقيقِ الخاصة في مصرِف لبنان تَسلّمت حسابات رجا سلامة من ثمانيةِ مصارف وليس أربعة..
وأنها في صددِ إيداعِها النائبَ العام التمييزي غداً ووضْعِ حدٍ لنزاعٍ طالَ أمدُه ودَخلت إليه وفودٌ فرنسية بَلغت حدَّ كسْرِ السيادةِ القضائية ودهمِ المصارفِ التي تَرفُضُ التسليم وفي المعلومات التي حَصلت عليها الجديد أنّ هيئة التحقيقَ الخاصة ستعودُ بزمنِ تسليمِ حساباتِ سلامة إلى أولِ فتحِ الحساب وليس عن خمسِ سنواتٍ سابقة وحسْب هو قرارٌ َطوعي للهيئة.. لكنّها آثرت وضْعَ حدٍ لمِلفٍ أصبح بازاراً سياسياً ومالياً وانتخابياً على حدٍ سَواء.. وفَتحَ صندوقاً له في استحقاق أيار.. مستثمراً في عاملِ الأُخوّة بين رياض ورجا سلامة.. ودافعاً باتجاهِ استقدامِ الجيوشِ القضائيةِ الفرنسية والأوروبية للمداهمة والدخولِ على مِلفٍ هو من صلاحياتِ القضاءِ اللبناني لم يبقَ متطوعٌ محليٌ وأوروبي إلا وصار خبيراً ومدققاً جنائياً مُحلّفاً في هذه الدائرة التي كان لهيئةِ التحقيق أن تُنهِيَ فوضاها منذُ اللحظاتِ الأولى وتَقطعَ الطريقَ على منتحلي صفةِ الحِرصِ على المالِ العام وعلى مدى بَدْءِ النزاع، شَهِدَ هذا المِلفُ عَراضاتٍ واقتحاماتٍ وعصيانٍ قضائي قام به القاضي جان طنوس الذي أرادَ اقتحامَ أربعةِ مصارفَ من دونِ المرورِ بقنواتِ هيئةِ التحقيق رسمياً وعلى توقيت المحتاجين انتخابياً .. قالت هيئة التحقيق اليوم كلمتها..وستصبح الحسابات ابتداء من الغد في مكتب عويدات الذي سيقطع الطريق بدوره على وفود فرنسية ذُكر انها قادمة خلال أيام مقبلة .