| فرح سليمان |
بينما يزداد التصعيد في الشرق الأوسط، تبدو إيران على حافة مواجهة عسكرية محتملة مع الإحتلال الإسرائيلي مدعومةً بغطاء أميركي مباشر.
وفقًا لتقارير غربية، وضعت طهران أنظمة دفاعها الجوي في حالة تأهب قصوى تحسبًا لضربة استباقية تستهدف منشآتها النووية، وسط تكهنات بأن الإحتلال الإسرائيلي سيشن هجومًا خلال هذا العام بدعم أو بتواطؤ أميركي.
وكانت قد كشفت صحيفة “تلغراف” البريطانية، يوم الثلاثاء، أن إيران وضعت أنظمة الدفاع حول مواقعها النووية في حالة تأهب قصوى وسط مخاوف من هجوم محتمل من الإحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.
التاريخ شاهد
المخاوف الإيرانية ليست مجرد تكهنات، فالتاريخ القريب يعكس نمطًا واضحًا من عمليات الإحتلال الإسرائيلي الاستباقية، بدءًا من قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 (عملية أوبرا) ، إلى استهداف المنشآت النووية السورية في 2007، وصولًا إلى الاغتيالات المتكررة للعلماء النوويين الإيرانيين (مثل مسعود علي محمدي، حسن تهراني مقدم…).
لكن ما يجعل الوضع مختلفًا هذه المرة أن إيران ليست معزولة عسكريًا أو سياسيًا كما كان الحال مع العراق وسوريا، طهران تمتلك شبكة حلفاء إقليميين أقوياء، من “حزب الله” في لبنان، إلى “التنظيمات المسلحة في العراق وسوريا”، وصولًا إلى “أنصار الله” في اليمن، ما يعني أن أي ضربة ضدها لن تمر من دون رد قد يشعل أكثر من جبهة في آن واحد.
تاريخياً، لم تتوانَ الولايات المتحدة عن فرض عقوبات مشددة على إيران وإظهار العداء لمشروعها النووي، هذا النهج الأميركي لطالما انحاز إلى “إسرائيل”، على حساب أي محاولة لتحقيق توازن استراتيجي في الشرق الأوسط.
سوريا واليمن.. ساحتا المواجهة غير المباشرة
أي تحليل للوضع الحالي في الشرق الأوسط لا يمكن فصله عن الأحداث التي تجري في سوريا واليمن، فهاتان الساحتان تمثلان جبهات غير مباشرة للمواجهة، حيث يواصل الإحتلال الإسرائيلي تصعيده العسكري في سوريا بعد سقوط النظام الذي كانت تدعمه ايران.
أما في اليمن، فإن التدخل الإيراني في دعم “أنصار الله” يجعل من هذا النزاع، مثلًا آخر، للصراع الاستراتيجي بين طهران وخصومها، ويعكس حجم تعقيد الوضع في المنطقة.
ما الذي تريده “إسرائيل” حقًا؟
بالنظر إلى كل هذه التطورات، يبدو أن “تل أبيب” تستغل الموقف الأميركي المتردد لتمرير أجندتها الخاصة، فبينما تشنّ هجمات جوية في سوريا وتواصل تصعيدها ضد إيران، تدرك “تل أبيب” أن أي ضربة للمنشآت النووية الإيرانية لن تمر من دون تداعيات خطيرة.
ومع ذلك، تراهن “إسرائيل” على أن رد الفعل الإيراني سيكون محسوبًا ولن يصل إلى مواجهة شاملة، خشية تورط الولايات المتحدة في حرب غير محسوبة العواقب.
لكن في ظل هذه الحسابات المعقدة، يبقى السؤال الأهم: إلى متى ستبقى المنطقة تدفع ثمن السياسات الأميركية المنحازة التي تغذي الصراعات بدلًا من احتوائها؟!