لم يمرَّ على الأمةِ الاسلامية ِفي الأعيادِ كالذي يمرُ اليوم َبعدما اتُخذَ القرارُ وحُددَ المسارُ لاستعادةِ الأمل.
ورغم َحروب ِالحصار ِوالتجويع ِوالقتل ِوالمعاناة ِالتاريخية ِمن الاحتلال ِوالعدوان ِ، يأتي العيد ُهذا العام بطعم ٍمختلفٍ عابراً نافذة ًواسعة ًفتحها قادة محور ِالمقاومة ِباعلان ِتشابك ِجبهاتِهم وقدراتِهم في مواجهةِ العدو ِالذي اعتاد َسلبَ الافراح ِوزرع َالشَقاء ِعلى مدى ِعقود.
ومن كان يشاهد ُاليوم َمئات ِالالاف يؤدون َصلاة َالعيد في باحات ِالمسجد الاقصى احس َبحرارة ِلقاء ٍقريب ٍمع أهلِ الرباط في هذا المكان المقدس. هذا الأمر ُلم يعد فرضية ًبل حقيقة ًمَهدت لها الانتصارات ُ على درب ِتحرير ِفلسطين وتؤكدُها المخاوف ُالصهيونية ُالمتصاعدة، وتخلخل ُاساسات الكيانِ العبري المزروع ِخوفا ًمن العمليات ِالفلسطينية الفردية ِوالصعود ِالشامخ ِلمعادلة سيف القدس.
في لبنان، يحلُ العيد ُمكبلا ًبالازمات ِالمؤلمة، وبمرورِ الايام ِالفارغة ِمن الحلولِ، وسط َاقتحام ِالانتخابات ِكلَ الاحداث والعناوين َمع اقترابِ استحقاقِها في الخامس َعشر من ايار الحالي، واختلافِ المواقفِ بين خطاب يبثُ اليأس من مستقبل ِالوطن واخر َيعمل ُحثيثا ًعلى بث ِرُوح الصمود ِلعبور ِالازمات.
نحنا منفكر بالمستقبل وهني بيفكرو كيف يقطعوا علينا الطريق”.
معادلة واضحة اختصر من خلالها النائب جبران باسيل الفرق الكبير بين الأسلوب المعتمد من التيار الوطني الحر وأسلوب الآخرين في العمل العام، منطلقاً في ذلك من الممارسات التي تكررت في بعض نواحي البقاع بعد عكار، والتي تتافى مع أبسط مظاهر الديموقراطية والحرية والمساواة بين جميع اللبنانيين.
وبكلام آخر، الآخرون سلبيون: يعطلون ويعرقلون ويعملون لإسقاط شخص أو أشخاص. أما التيار فإيجابي: يطرح المشاريع ولا مانع لديه من التعاون لإنجاح مشاريع الآخرين إذا كانت تصبُّ في مصلحة الوطن، كما أنه لا يسعى لإسقاط أحد، بل لإنجاح المشروع الذي يحمله والذي يستفيد منه كل اللبنانيين.
فالآخرون كانوا سلبيين بالتعاطي مع ملفات الكهرباء والسدود، وكذلك مع كل اقتراحات القوانين الاصلاحية التي تؤمن المحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة وغيرها، والآخرون كانوا سلبيين في مقاربة التدقيق الجنائي، فهذا هو تاريخهم وحاضرهم، وهذا هو المستقبل الذي لا يجب أن يكون، بفعل أصوات الناخبين التي يجب أن تصبَّ بكثافة وقوة في صناديق الاقتراع، انتقاماً ممن حرم البقاعيين وغير البقاعيين من الميغاسنتر، تماماً كما حرمهم من كل إنماء وإصلاح.
ولأننا على مسافة 13 يوماً من الانتخاباتِ النيابية، نكرر: تذكروا يا لبنانيات ويا لبنانيين، إنو لأ، مش كلن يعني كلن، بغض النظر عن الحملات والدعايات والشتائم والتنمر وتحريف الحقيقة والكَذب المركّز والمستمر بشكل مكثف من 17 تشرين الاول 2019. ولمّا تفكروا بالانتخابات، حرروا عقلكن وقلبكن من كل المؤثرات والضغوطات، وخللو نظرتكن شاملة وموضوعية، وساعتها انتخبوا مين ما بدكن، بكل حرية ومسؤولية. واجهوا الكل، وأوعا تخافو من حدا، مين ما كان يكون.
قبل أقل من أسبوع على موعد اقتراع المغتربين، وأقل من أسبوعين على يوم الاقتراع الكبير، المعركة الحقيقية تتمثَّل في رفع نسبة المشاركة في العملية الانتخابية، في هذا السياق تتوجَّه الأنظار إلى نسبة المتوقعة للمشاركة السنية التي في هذه الإنتخابات يعوَّل عليها كثيرًا، بعد خلط الأوراق التي تشهدها هذه الساحة بالذات.
في هذا الإطار كان لافتًا جدًا موقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي قال: “أحذر وأنبه من خطورة الامتناع عن المشاركة في الانتخابات، ومن خطورة انتخاب الفاسدين السيئين، لأن الامتناع عن المشاركة في الانتخابات هو الوصفة السحرية لوصول الفاسدين السيئين إلى السلطة”.
لم يمر كلام المفتي، تيار المستقبل، وفي ما يشبه الرد على الداعين إلى المشاركة، من دون ان يسمي احدًا، لكن كان واضحًا أن المفتي لم يسلم من الرد، التيار وعبر منسق عام الإعلام في التيار عبد السلام موسى، غرد، فقال: “نحن نرى ان المشاركة ستؤدي الى تأمين غطاء شرعي لحزب الله يبحث عنه في صناديق الاقتراع”. وأضاف: “هذه انتخابات ستقدم لحزب الله شرعية ينتظرها منذ سنوات، وجمهور تيار المستقبل لن يشارك في ذلك ولن يكون جسراً يعبر فوقه الحزب فوق انقاض الشرعية”.
إذًا بين دار الفتوى وبيت الوسط، الأمور الإنتخابية ليست على ما يرام، تمامًا كما العلاقة المتدهورة بين تيار المستقبل والرئيس فؤاد السنيورة، فلمَن ستنحاز البيئة السنية في نهاية المطاف؟ هل لدار الفتوى والرئيس السنيورة، الداعييْن إلى المشاركة في الانتخابات؟ أو لتيار المستقبل الداعي إلى مقاطعة الانتخابات؟
عدا هذا المعطى الجديد، استمرت اليوم أيضًا الحملات الانتخابية والحروب الكلامية التي يمكن وضعها في خانة “عدة الشغل” وصولًا إلى أحد المغتربين ثم أحد المقيمين.