| كريستين بو ضرغم |
“أنا وخيي على أبن عمي وأنا وإبن على الغريب”.. عاش اللبنانيون هذا المثل الشعبي بحذافيره، والرجل الذي وقفوا في وجه سياسته في 17 تشرين، حاربوا إلى جانبه بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في 23 أيلول 2024.
18 طائفة وقفت وقفة حزن واحدة لإستشهاد سيد المقاومة الشهيد السيد حسن نصر الله”، الأمين العام لـ “حزب الله”.
بين مؤيد أو معارض، جلس اللبنانيون أمام الشاشات لسماع خطابات نصر الله في السابق.
وبعد إستشهاده، جلس الشعب نفسه بحزن وخذلان أمام الشاشات نفسها لتوديع هذا الصوت.
اعتبر رجل في العقد السبعيني من عمره، أنه لا يرى في إستشهاد السيد خسارة للبنان، ولكنه “لن يهلل لموت شخص يختلف معه في السياسة وقتل على يد العدو الإسرائيلي”.
وبرأي أحد الشباب، الذي يعتبر من خارج البيئة الحاضنة للمقاومة، أن كل شخص تقتله “اسرائيل” هو بطل حقيقي، وإستشهاده يزيده قيمة.
ومن الحركة اليسارية، ففي حديث لموقع “الجريدة”، اعتبرت إحدى الشابات اليساريات، أن “المقاومة بخطها هي في أعيننا ولا يمكننا أن نغض النظر عن واجبنا الحي بالدفاع عن لبناننا، شماله وجنوبه”، لتقول أخرى إن السيد كان “أيقونة حقيقية وبطل لا يأتي بعده أحداً”.
رغم الإختلاف الكبير الذي “يعشعش” بين اللبنانيين على الصعد السياسية والطائفية، إلا أن “جبهة الإسناد” التي فتحها “حزب الله” للدفاع عن فلسطين، في مقابل تخاذل عربي ودولي، دفعت البعض إلى تغيير وجهة نظرهم في ما خص “حزب الله”، وآخرين إلى “الخجل” من الشماتة بموت شخص دفع حياته ثمناً للدفاع عن فلسطين.
واذا تمت مناقشة الموضوع من خارج الإطار الديني ـ الطائفي، فلا يمكن القفز فوق الاعتبارات الوطنية والإنسانية والعروبة، أي أنه لا يمكن لأي إنسان حر وشريف أن لا يحترم التضحيات ـ من أي جهة كانت ـ في سبيل نصرة المظلوم والمستضعف، فكان التضامن مع استشهاد السيد حسن نصر الله، وكل الشهداء الذين سقطوا خلال العدوان الصهيوني على لبنان، صورة لأحرار العالم.
ما الذي غيّر الحال وقلب المواقف بعد انتهاء الحرب؟
لعبت التعئبة السياسية دوراً أساسياً في تغذية الفتنة من جديد بين أبناء الوطن الواحد، لأنه ظهر واضحاً أن أفضل وجوه الحرب ضد “اسرائيل” هي الوحدة بين أبناء الوطن.
وفي حديث لموقع “الجريدة”، أكد أحد شباب “المجتمع المدني” أنه لا يرضى بالتصنيف الطائفي لقادة المقاومة، مضيفاً: “مين قرر؟ هل المقاومة حكر على جهة؟ فعل المقاومة والحزن على شهدائها هو للوطن”.
الطبيعي، أن تختلف مع “حزب الله” بسياساته.
والبديهي، أن تتمايز عنه بل وتحاول أن تقصيه حتى ضمن اللعبة السياسية المشروعة في لبنان.
ولكن قبل أن تتهكم أو تشمت بموت أحد.. هذا الرجل، مهما اختلفت معه.. استشهد دفاعاً عن المظلوم، لأجل لبنان، وقتله عدو لبنان الطامع بكل شبر فيه.
لذا، لم يعد نصر الله مجرد زعيم سياسي، بل أصبح أيقونة النضال والتضحية في سبيل الحرية.














