هل تفتح استقالة قرداحي الباب أمام تسوية لأزمتي “المرفأ” والطعن بقانون الانتخاب؟

تصدرت استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي من منصبه واجهة المشهد السياسي وسط ترقب لتداعياتها على صعيدي الأزمة الدبلوماسية بين السعودية ولبنان، والأزمة الحكومية وعودة مجلس الوزراء للانعقاد، ووسط تساؤلات حول ما إذا كانت الاستقالة خطوة فردية بقرار منفرد ومنعزل عن الملفات السياسية الأخرى، أم هي جزء من تسوية ضمنية سيجري استكمال أجزائها الأخرى بفتح الباب على تخفيف التصعيد السعودي تجاه لبنان وترميم العلاقات معها أولاً عشية زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى “المملكة”، حيث يلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إضافة الى انعكاس الاستقالة على أزمة تنحي المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، علماً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري وفور تأكيد خبر استقالة قرداحي مساء أمس، سارع صباح اليوم للدعوة الى عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب الثلاثاء المقبل لبحث اقتراحات ومشاريع القوانين المدرجة على جدول الاعمال أبرزها قانون “الكابيتال كونترول” وقد يتم طرح تحقيقات المرفأ في الجلسة اذا ما نضجت التسوية حتى ذاك الحين بين رئيس الجمهورية ميشال عون وبري. وفي هذا السياق تحدثت مصادر مطلعة لـ”الجريدة” عن مشاورات مكثفة بين عين التينة وبعبدا ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتأمين نصاب انعقاد الجلسة وتأمين أغلبية للتصويت على أن يمارس مجلس النواب دوره وصلاحيته في قضية المرفأ لا سيما تفعيل عمل مجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء وحصر عمل القاضي بيطار بالمدعى عليهم الآخرين.

هذه التسوية تستدرج النقاش بين عون وباسيل من جهة وبري من جهة ثانية على موضوع الطعن المقدم من تكتل لبنان القوي ببعض بنود قانون الانتخاب في ظل الحديث عن مقايضة تشمل حلول للملفات الثلاث: استقالة قرداحي وتنحية بيطار عن ملاحقة الوزراء والرؤساء وقبول الطعن بالبنود التي طعن بها تكتل لبنان القوي. إلا أن المصادر لفتت الى أن أي تسوية بهذا الاطار لم تنضج بعد وتحتاج الى مزيد من النقاش والمشاورات والدراسة القانونية.

بالعودة الى الحدث الأبرز اليوم، وكما كان متوقعاً أعلن قرداحي في مؤتمر صحافي عقده ظهر اليوم في مكتبه في وزارة الاعلام تخليه عن موقعه في الحكومة، وقال: “لا أقبل أن أستخدم لأذية لبنان واللبنانيين في الدول الخليجية لذا قررت التخلي عن موقعي الوزاري والاستمرار في خدمة بلادي حيثما أكون.” وأضاف: “أتمنى للحكومة النجاح وافضل العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي وخاصة الخليج”.

وتابع قرداحي: “قصتي أصبحت معروفة ولا أعتقد أن هناك من داع لتكرار تفاصيلها”. وأردف: “لم أقصد بكلامي عن حرب اليمن الاساءة لاحد والمقابلة بُثّت بعد 3 أشهر من إجرائها”. وقال: “فتحت علي حملة شعواء مقصودة في بعض الإعلام اللبناني ومواقع التواصل في لبنان والخليج، والحملات ضدي أزعجتني لأنها تسببت في تحميل شعب بكامله مسؤولية كلام قلته بمحبة”. وختم بالقول: “وجدت من المنطق والواجب الوطني أن ارفض الاستقالة سابقاً لأقول ان لبنان اولاً لا يستحق هذه المعاملة وان كان يمر بصعوبات كثيرة اليوم”.

وبعد ذلك وقع الوزير المستقيل كتاب استقالته، وسلم نسختان منه الى قصر بعبدا والسرايا الحكومي على أن يوقعها كل من رئيسي الجمهورية والحكومة على أن تجري مشاورات بينهما مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لتعيين بديل لقرداحي في موقع وزير الاعلام.

وأشارت أوساط مواكبة للاتصالات التي مهدت لاستقالة قرداحي لـ”الجريدة” الى أن “الأخير ارتأى بعد لقائه ميقاتي منذ أيام تقديم استقالته لمنح الرئيس ماكرون ورقة للضغط على السعودية لوقف إجراءاتها ضد لبنان، وفتح قناة حوار بين بيروت والرياض لرأب الصدع بينهما”، ولفتت الى أن “الملف اللبناني سيحضر على جدول أعمال المحادثات بعد الخطوة اللبنانية التي جاءت كبادرة حسن نية تجاه السعودية، ما يعني سقوط الذريعة من يد السعودية وباتت الكرة في ملعبها، إلا أن مصادر مقربة من الفريق الأميركي – الخليجي أوضحت لـ”الجريدة” أن الاستقالة لن تنجح بحل الأزمة مع السعودية ودول الخليج رغم أنها ستخفف التوتر، لكن المملكة تطلب شروطاً أخرى من لبنان تتعلق بأمنها في الخليج وبدور حزب الله في لبنان والمنطقة. مضيفة أنه لا يمكن التعويل على زيارة ماكرون الى السعودية كونها لا تتعلق بلبنان فحسب، بل بملفات وقضايا ومصالح عدة بين فرنسا والسعودية.  

في موازاة ذلك، أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حديث لوكالة “أنباء الشرق الأوسط” انه “مستمرّ في رئاسة الحكومة ومجلس الوزراء سيجتمع قريباً”. إلا أن ميقاتي لم يحدد موعداً محدداً للجلسة بانتظار استكمال المشاورات في قضية بيطار في ظل تمسك ثنائي أمل وحزب الله وتيار المردة بموقفهم في مقاطعة جلسات مجلس الوزراء حتى إيجاد حل لأزمة بيطار بحسب ما قالت مصادر الثنائي لـ”الجريدة”.

 واعتبر ميقاتي أن “الإبقاء على هذه الحكومة برئاستي ضمن هذا الإطار أفضل بكثير من استقالتها والعودة إلى الفراغ مجدداً”، ولفت الى أن “الحكومة حاولت منذ يومها الأول تأمين الأشياء الأساسية وقضت على “طوابير الذل” وهدفي الأول وقف الانهيار التام”. وشدد ميقاتي على ان “لبنان على استعداد لإزالة أي شوائب في العلاقات مع دول الخليج”.