| غاصب المختار |
في موقف لافت للإنتباه، ويخالف تعهدها للبنان بوقف إطلاق النار وضمان انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من المناطق الجنوبية، التي دخلها غفلة وتسللاً بعد التزام لبنان والمقاومة، أعلنت الولايات المتحدة “أنّ تمديد وقف إطلاق النار في لبنان أمر ضروري للغاية بشكل موقت، لضمان عدم قدرة حزب الله على تهديد لبنان أو جيرانه”، وأكدت التزام الرئيس الأميركي بضمان سلامة المستوطنين الإسرائيليين وعودة الأمور إلى الاستقرار في لبنان.
ضمنت الإدارة الاميركية سلامة المستوطنين الاسرائيليين ولم تضمن سلامة اللبنانيين الذين عادوا إلى قراهم لتفقد أضرار منازلهم، فقتل الاحتلال وخطف عشرات المواطنين، نساء ورجالاً، أثناء توغلاته خلال فترة الستين يوماً، وهو سيقوم، إذا تم تمديد مهلة وقف إطلاق النار شهراً، بمزيد من عمليات القتل وتفجير المنازل والمنشآت الحيوية والبنى التحتية عند الحافة الحدودية، لجعلها منطقة غير صالحة للحياة ولمنع عودة أهاليها.
وبالسؤال عن ردّ الفعل اللبناني الشعبي، فإن المقاومة لن تكشف أوراقها، ولا كيف ستتصرف في حال قرر الاحتلال البقاء كما تردد في خمس نقاط في القطاع الشرقي من الجنوب، لقربها من مناطق إحتلاله في الجولان وغرب سوريا قرب الحدود مع لبنان. وبقاء الاحتلال سيعني حكماً بقاء المقاومة الشعبية والمدنية، وعود ة المقاومة العسكرية كما في البدايات بعد اجتياح العدو للبنان عام 1982.
صحيح أن المقاومة سلّمت أمر معالجة هذه القضية للدولة اللبنانية، لكن ثبت أن الدولة عاجزة عن مواجهة القرار الأميركي الداعم للقرار الإسرائيلي ببقاء الاحتلال، وصحيحأان ظروف عمل المقاومة تغيرت بدرجة كبيرة بعد “حرب الإسناد” وما تعرضت له خلالها من خسائر بشرية وقتالية، لكن الصحيح أيضاً أنه برغم استمرار الدعم الدولي لبقاء الاحتلال و العجزالرسمي اللبناني عن ردعه، فإن إرادة المقاومة ما زالت موجودة لإحداث ولو فارق أو تأثير بسيط، لكن موجع لقوات الاحتلال، وقد يتطور بشكل أكبر لو تطور بقاء الاحتلال.
وثمة رسالة على شكل “نصيحة” قيلت للمعنيين لإيصالها إلى “إسرائيل” مفادها أن “لا تختبري لبنان مجدّداً”، وتم تسريب شريط فيديو للمقاومة قبل يومين مفاده “إن عدتم عدنا”.
يومان فاصلان عن انتهاء مهلة الستين يوماً، ومع صباح الاثنين المقبل تتضح الصورة أكثر، فإمّا ينسحب الاحتلال نهائياً، وإمّا يغرق مجدّداً في الرمال اللبنانية الجنوبية التي ارتوت بدم آلاف الشهداء، ولم يعد هناك ما يخسره الجنوبي سوى كرامته وحقه بالعيش حراً، وهو ما لن يتنازل عنه.