| ناديا الحلاق |
سجائر إلكترونية تحتوي مواد مخدرة تنتشر في مدارس لبنان بين يدي أطفال لا تتعدى أعمارهم الخامسة عشر، الـ Vape الملغوم هكذا يسميها مدخنيها!
وبعد أن انتشرت مؤخراً أخبار عن ملاحظة هذه الظاهرة في مدارس البقاع، ولهذا سعى موقع “الجريدة” إلى التواصل مع أهل أحد الطلاب الذي يدخنون السجائر الملغومة، بعد أن اكتشفت أمر إبنها الذي لا يتعدى عمره الـ 11 سنة، والذي يدخن السجائر الالكترونية في إحدى مدارس البقاع، بعد أن أخبرها زملاؤه بالأمر، لتكتشف بعدها أن هذه السجائر ملغومة بالمخدرات.
وتقول مهى إنها لم تفكر يوماً بأن المبلغ المالي الذي تعطيه لابنها يومياً، سيدخره ليصرفه على التدخين والمخدرات، خصوصاً وأنها لم تلاحظ عليه أي تغيرات أو علامات تدل على متعاطي، مشيرة إلى أنها واجهته بالأمر واعترف لها أنه يدخن هذه السجائر مع مجموعة من رفاقه، إما في مرحاض المدرسة أو خلف الدكان مرتين يومياً حيث يتشاركون هو وثلاثة من زملائه السيجارة التي يحصلون عليها من شخص يتردد إلى محيط المدرسة من دون أن يعرفوا أي تفاصيل عنه ولا حتى اسمه.
وبحسب اعترافات الطالب لأمه فهو يشتري السجائر الالكترونية من الرجل بنكهات مختلفة، حيث تحتوي كل نكهة على نوع معين من المخدرات.
مهى لم تتمكن من إبلاغ إدارة المدرسة بالحادثة، لخوفها على سمعة ابنها وعلى حياته، كي لا يتعرض له أفراد هذه العصابة التي تروج المخدرات بين الأطفال والمراهقين، وكي لا يخضع للتحقيقات القانونية أو يتم توقيفه بسبب تعاطيه المخدرات.
وجل ما فعلته اللجوء إلى مركز لمعالجة الإدمان في بيروت من أجل مساعدة ابنها وإرشاده، قبل أن تتطور به الأمور ويصبح ضحية مجتمع غارق بالمخدرات.
موقع “الجريدة” تواصل أيضاً مع مصدر أمني للوقوف عند هذه الظاهرة، والتعرف على الإجراءات اللازمة التي يجب اتخاذها في مثل هذه الحالات.
وقال المصدر الأمني: “على الألأهل أن يواجهوا هذه الحالة، وأن يبلغوا إدارة المدرسة والقوى الأمنية التي ستباشر بإجراء تحقيقاتها بسرية تامة”، مشيراً إلى أن “التكتم عن الموضوع من شأنه أن يفاقم الأمور ويزيد من عدد الضحايا”.
وأكد المصدر أن “متعاطي المخدرات لا يتم توقيفهم من أول مرة، بل في حال تكرر تعاطيه للمواد المخدرة يحصل ذلك”.
وأوضح المصدر أن “عقوبة سجن المتعاطين ليسن الحل الأمثل، ففي معظم الأحيان يدخل الشخص السجن كمتعاطٍ فيخرج تاجراً للمخدرات”.
وتمنى على الدولة إيجاد مراكز تأهيل تساعد مدمني المخدرات على التخلص من هذه الآفة.
وتزايد في الآونة الأخيرة عدد المراهقين الذين يدخنون السجائر الإلكترونية، لا سيما الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 18 سنة، فأصبح تدخينها يعتبر trendy.
بدورها قالت المحامية مايا جعارة لموقع “الجريدة” أن “التدخين الإلكتروني أصبح للأسف شائعاً بالفعل، فبعض الأولاد يلجؤون إليها لإثبات أنفسهم، وهنا تكمن المشكلة، إذ أن المراهق الذي لا يدخّن يشعر بالرغبة في تجربتها فيصبح أسيرها، حتى أن ذلك يحدث في المدارس ووصل في بعض الأحيان إلى بعض الصفوف الابتدائية، فالأولاد يتلذذون بمذاقه الذي يشبه الفراولة والتفاح، وهناك منهم من يعتبره وجبة خفيفة صحية”.
وأشارت جعارة إلى ان “هذا سلوك لا يخلو من المخاطر على الصحة وهو تطور مقلق للغاية، مؤكدة أن هذه الظاهرة تتسع في المدن الكبرى وما يزيد الطين بلّة ان هناك حديث عن لغمها بمخدرات خاصة في بعض مناطق البقاع
وهذا يشكل خطراً كبيراً على صحة هؤلاء الاولاد
بسبب مخاطر الإدمان والتعرض للمواد الكيميائية الضارة على صحتهم”.
لذلك رأت جعارة أنه يجب “على المدارس التنبه إلى هذه الآفة والعمل على منعها والتشدد في المعاقبة في حال الإخلال، كما وعليها قيادة جلسات الوقاية بدءاً من تلاميذ الصف الثاني والثالث الابتدائي ليدركوا منذ الصغر المخاطر المرتبطة بهذا السلوك، كما وتوعيتهم على خطر الإدمان على النيكوتين من جهة وعلى خطورة تعاطي المخدرات على صحتهم، كما وقانوناً على أنه أمر مجرَّم ومعاقب عليه جزائياً بعقوبة السجن” .
ولا يجب أن تقتصر التوعية على الأولاد، بل تتعداها لتصل إلى الأهل أيضاً لحثهم على مراقبة أولادهم عن كثب، خصوصاً وأن تدخين السيجارة الاكترونية يصعب كشفها لأنها لا تصدر رائحة كدخان السجائر العادية.
وأشارت جعارة إلى أن “التوعية على مخاطر التدخين عامة وعلى خطر النرجيلة والسيجارة الالكترونية، أمر أكثر من ضروري، خصوصاً في بلد مثل لبنان الذي يشهد معدلات عالية من المدخنين بين البالغين والقاصرين إذ أن نسبة المدخنين من البالغين بلغت في العام 2021 بحسب الدراسات 42.6% من اللبنانيين مدخنون، مع نسبة 49.4% بين الرجال و35.9% بين النساء.
أما بين القاصرين فالوضع أكثر من مقلق، اذ يتراوح عدد المدخنين بين 30% و35% من الشباب اللبناني، مقارنة بنحو 20% قبل عقد من الزمن بسبب ارتفاع نسبة تدخين النرجيلة وبخاصة بين الفتيات، بالإضافة إلى انخفاض سن البدء في التدخين، حيث يبدأ بعض الشباب في سن صغيرة تصل إلى 11 أو 12 عاماً.