| ندى أيوب |
حتى الثالثة فجرَ أمس، كان نواب «المعارضة» لا يزالون في مكتب النائب فؤاد مخزومي يبحثون في جدوى استمرار ترشيحه لتولي منصب رئاسة الحكومة تبعاً لـ«بوانتاج» ارتكز بشكلٍ أساسي على موقف كل من تكتل «لبنان القوي» و«اللقاء الديمقراطي» من ترشيح مخزومي. وما إن أصبح من المؤكد أن النائب السابق وليد جنبلاط لن يمنحه أصوات تكتله، وتبعه تأكيد مماثل فجراً من النائب جبران باسيل، بعدما كان الأخير قد أوصل رسائل تطمينية في ساعات الليل الأولى، حتى أيقن مخزومي أن طموحه بجذب أصواتٍ «إكسترا» على أصوات نواب المعارضة الـ31 قد سقط. إلا أن «المعارضة» تقصّدت عدم تسريب أجواءٍ قبل الصباح الذي حمل معه بيان انسحاب مخزومي من السباق الحكومي.
لكن، قبل ذلك كلّه، ووفق مصادر «المعارضة»، بادر نواب كتلة «تحالف التغيير»، الثلاثي وضاح الصادق ومارك ضو وميشال الدويهي، ظهر الأحد إلى اقتراح أن تسحب «المعارضة» ترشيح مخزومي لمصلحة السفير السابق نواف سلام، وهو ما أدّى إلى اجتماع الليل في مكتب مخزومي. اللافت أن خطوة النواب الثلاثة المحسوبين على «الجو التغييري التشريني»، مهّدت لها حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى مجموعات الدردشة، تعتبر أنّ «كل نائب يتبنى ترشيح مخزومي، على الناخبين أن يحاسبوه في انتخابات 2026»، وأنّ «السير بمخزومي هو فوز لميقاتي» و«يضرب آمال الشارع التغييري» الذي يعوّل على سلام بصفته «المخلّص». هي حملة شبيهة، في أسلوبها وأدواتها، بكل الحملات السابقة، عندما كان يتقرر حرق اسم في استحقاق ما أو لائحة في الانتخابات النيابية (بمعزل عن صوابية الخيار)، مثلما توحّد الجميع في الانتخابات النيابية الأخيرة على جملة «اختاروا بين التعتير أو التغيير». وككل مرة، قادت «اللوبي» مجموعات وجهات تؤثّر في الجو التشريني، لم تغب عنها لمسات منصة «كلنا إرادة» ووجوهها، ووجوه تشرينية بارزة ومؤثّرة في المنتمين إلى هذه الحالة. تمّ استنهاض همم المؤثّرين وبعض الأصوات التي أُحبطت طيلة الفترة الممتدة ما بين فشل تجربة «انتفاضة 17 تشرين» وحتى انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير، وما ألحقه من خسارات بحزب الله، أدّت في اعتقادهم إلى فرض واقعٍ سياسي جديد.
وعندما تعمّم هذا الجو، دخل ضو والصادق والدويهي على الخط مع باقي مكوّنات «المعارضة». وفي التفاصيل التي تسردها مصادر «المعارضة»، كان حزب الكتائب «أول المقتنعين بطرح سحب مخزومي وترشيح سلام»، وشعرت الصيفي بحالةٍ من «التوتر»، نتيجة «عدم تفضيلها التمسّك بمخزومي بخلاف رغبة أصدقائها التغييريين، ولأنها تحرص على إبقاء صورة حسنة في عيون هؤلاء وجمهورهم، كما حكمتها أيضاً حسابات انتخابية»، إلا أنّها «حرصت على عدم الخروج عن إجماع المعارضة إن قرّرت السير بمخزومي». أما حزب «القوات اللبنانية»، وحتى ساعات المساء الأولى، فلم يكن مقتنعاً بسحب مخزومي، وتؤكّد المعلومات أنّ «القوات» ذهبت إلى الاجتماع مع مخزومي لمناقشته بترشيحه «على مضض»، بعكس «الكتائب».
لم تطلب قوى «المعارضة» من مخزومي الانسحاب بشكل مباشر، وهي «كانت مُحرجة لكونه خاض معها معارك عدة في الفترة السابقة». انطلق النقاش عند السابعة مساءً، في مكتبه، حول نتائج اتصالاته بالقوى السياسية، وحجم الأصوات التي يتوقّعها. وبحسب مصادر المجتمعين، كان مخزومي منطلقاً من أنّه يحوز على 31 صوتاً معارضاً، بينما سلام يحوز على أصوات 6 نواب، هم شربل مسعد وحليمة القعقور وأسامة سعد وسينتيا زرازير والياس جرادة وميشال الضاهر. وسأل: «لماذا لا يلتحق بنا التغييريون الذين يرشحون النائب إبراهيم منيمنة وعددهم 6 والمستقلون الذين يرشحون سلام، كوننا أكثرية مقارنة بهم؟»، إضافة إلى رهانه على أصوات نواب «لبنان القوي» و«اللقاء الديمقراطي»، إن هو نجح في جذبهم.
وخلال الاجتماع دارت الاتصالات بين التغييريين (صادق وضو والدويهي) والتغييريين من خارج «المعارضة،» فسحب منيمنة ترشيحه لصالح سلام. وتلقّى مخزومي خلال الاجتماع جواباً حاسماً من «اللقاء الديمقراطي» بعدم تسميته. وعلمت «الأخبار» أنّ جنبلاط حذّر «المعارضة» بأنّه «لن يسير بنواف سلام ما لم يكن فوزه محسوماً، كي لا يتورّط ويقف بوجه الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بتسمية سلام مرة جديدة، ولا يصل مثلما حصل في المرات السابقة». أما باسيل، فقد «بعث طوال الليل برسائل شبه تطمينية، ليعود ويحسم لمخزومي عند الثالثة فجرَ أمس بأنّه لن يسميه». عندها بات من المؤكد أن لا مجال لجمع أكثر من 31 صوتاً لمخزومي الذي اقتنع بالانسحاب وسط اتفاق المجتمعين على تقصّد عدم الإعلان عن ذلك إلا صباحاً.