ساعات قليلة تحسم ما إذا كان لبنان انتقل كلياً إلى الزمن الأميركي – السعودي. والبلبلة التي سادت الأوساط السياسية ليل الأحد حول هوية المرشح الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة دلّت على قطبة خَفية كان الأكثر تعبيراً عنها الغموض في موقف الكتلة النيابية التابعة لوليد جنبلاط، واستعداد التيار الوطني الحر لمقايضة في الحكومة بعدما فاتته المقايضة الرئاسية.
والمشهد الأبرز الذي طبعَ يوم الأحد هو مجاهرة نواب بانتظارِهم لكلمة السر السعودية. وكان النائب بلال الحشيمي الأكثر صراحة، إذ أعلن أنه “بانتظار الجو السعودي لما فيه مصلحة للبنان”. ومثله فعلَ النائب أحمد الخير الذي قال: “إننا والرئيس ميقاتي خلف التوجه العربي ولا سيما المملكة العربية السعودية”. الموقف العلني للحشيمي والخير ينطبِق على غالبية الكتل النيابية التي “ضاعت” عشية الاستشارات، وأجّلت الكشف عن اسم مرشحها، بسبب “تأخر الاتصال السعودي” كما اعترف عدد كبير من النواب الذين تواصلت معهم صحيفة “الأخبار”، علماً أن السفير السعودي وليد البخاري أجاب من سأله بأن “لا مشكلة مع اسم ميقاتي”، وهو ما فسّره البعض بأن لا اعتراض سعودياً على تكليفه.
وبما أن الأمور أصبحت مفضوحة تماماً، لم يجِد النواب حرجاً في قول الأمور كما هي بعيداً عن سيمفونية “السيادة”.
وكشفت مصادر لصحيفة “الأخبار”، أن الاتصالات بين التغييريين والمعارضة والمستقلين بشأن التسمية بدأت السبت، وكان هناك حوالي 20 صوتاً مؤيداً لنواف سلام.
ورغمَ الانقسام واللقاءات المكثّفة، تجزم مصادر سياسية بارزة بأن “ميقاتي هو من سيُكلف بتشكيل حكومة العهد الأولى لأن ذلك جزء من الاتفاق الرئاسي”.
وعدّدت عدة مؤشرات سبقت الاستشارات، أبرزها زيارة ميقاتي لسوريا ولقاؤه مع قائد الإدارة الانتقاليّة في سوريا، أحمد الشرع، ما يعني أنه سيقود المرحلة المقبلة وإلا كانَ الرئيس الجديد هو من قام بأول زيارة رسمية تمثيلاً للبنان.
ووسطَ “الإحجام” السعودي عن دعم اسم بعينه، قالت أوساط سياسية إن “لأساس بالنسبة إلى الرياض ليس اسم الرئيس، بل شكل الحكومة وتركيبتها ثم بيانها الوزاري”، وهي “تفضّل أن تكون حكومة تكنوقراط”.
وعلى هذا الأساس “سيجري التعامل مع لبنان وتُعاد صياغة العلاقة معه، فهي تريد إحداث تغيير جذري من خلال السلطة التنفيذية”، لأن هذا الأمر “سيحدّد مصير العهد الجديد وتعاطيه مع التحديات الكبرى والتحولات الجيوسياسية في المنطقة”.