يعتبر البشر كائنات اجتماعية بطبيعتهم، فالإنسان ينمو ويزدهر من خلال التواصل وتبادل الخبرات، وهو ما يساعد في تشكيل الهوية الإنسانية وتعزيز الشعور بالانتماء.
وفي عالم رقمي سريع الخطى بشكل متزايد، أصبحت مشاعر الوحدة والعزلة الاجتماعية شائعة بشكل مثير للقلق.
في هذا الإطار، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن “هذه المشاعر منتشرة على نطاق واسع، إذ يعاني نحو 25% من كبار السن من العزلة الاجتماعية، ويشعر 5% إلى 15% من الشباب بالوحدة”.
وقامت الدراسة الجديدة بمتابعة الدراسة السابقة من خلال فهم العمليات البيولوجية الأساسية وراء هذا الارتباط بين العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة والصحة، ولماذا الوحدة سيئة للغاية لأجسادنا وعقولنا؟
وكشفت الدراسة أن “البروتينات التي وجدت أنها مرتبطة بشكل كبير بالوحدة والعزلة الاجتماعية معروفة أيضًا بأنها متورطة في الالتهاب وكذلك الاستجابات المضادة للفيروسات والمناعية”.
واقترحت الدراسة فرضية أن “الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى زيادة مستويات خمسة بروتينات محددة يتم التعبير عنها في الدماغ (المعروفة باسم GFRA1 وADM وFABP4 وTNFRSF10A وASGR1)”.
وقام العلماء بدراسة البيانات التي تتبعت صحة المشاركين لمدة 14 عاماً تقريباً، ووجدوا أن “أكثر من نصف البروتينات كانت مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع 2 والسكتة الدماغية والوفاة”.
وبناءً على النتائج التي توصل إليها العلماء، فإن وجود علاقات اجتماعية جيدة وعدم الشعور بالوحدة قد يعزز الصحة من خلال تقليل مستويات بعض البروتينات الضارة، وقد تفسر البروتينات جزئياً فقط الارتباط بين الوحدة والصحة، وقد تلعب مسارات محتملة أخرى، مثل الضغوط الاجتماعية، دوراً أيضاً.
وأكد العلماء أن “العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يؤثران على جميع الأعمار والأجناس ويؤديان إلى مشاكل صحية عقلية وجسدية كبيرة”، وتساعد هذه الدراسة على فهم كيفية حدوث ذلك على المستوى البيولوجي، بحسب مجلة “ساينس أليرت” العلمية.
وأكدوا أيضاً أن “التفاعلات الاجتماعية ضرورية في نهاية المطاف لرفاهيتنا، وتعزز الصحة البدنية والعقلية، لأن الروابط الاجتماعية تقلل من التوتر وتخفض ضغط الدم وتدعم وظيفة المناعة، كما أنها تعزز الصحة الإدراكية وتحسن صحة الدماغ”.