قارب الموت في طرابلس.. “العترة على يلي راحوا”!

/ خلود شحادة /

كيف يمضي الانسان نحو الموت بإصرار؟ كيف يمكن لقارب الموت الذي ساءت سمعته عند كل من حاول الاستنجاد به، أن يكون ملاذاً آمناً؟
هو سؤال يطرحه كل اللبنانيين مع كل خبر يطفو على سطح الوسائل الإعلامية، عند غرق مركب هجرة غير شرعي. ليكون الجواب أن الهرب عبر مراكب الموت ما هو إلا نجاة من وطن نُقتل فيه كل يوم على أبواب المستشفيات، أمام محطات البنزين، على طرقات الموت السريع، برصاص طائش… وتطول قائمة الموت المحتم الذي يواجهه اللبناني كل يوم.
ولكن، ماذا عن طرابلس؟ بحسب دراسة أعدها برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة قبل خمسة أعوام أن 57% من سكانها يصنفون ضمن فئة “المحرومين”.

في الوقت عينه، ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في دراسة أعدتها، أن “بعض زعماء طرابلس” صنفوا من أغنى أثرياء العالم.
هي حالة اللامساواة التي تعيشها طرابلس.
اليوم، ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، أصبحت اللامساواة، تطال كل لبنان، مع انعدام الطبقة الوسطى واتساع الفجوة بين من راكم الأرباح والثروات، وبين من صعد مراكب الموت هارباً من جهنم الوطن الى الغربة عبر بحر لم يرحمهم هو أيضاً…
تضاربت الروايات بعد غرق مركب كان يضم نحو 75 شخصاً، وأدى الى وفاة عدد كبير منهم.

بعض الناجين يتهمون خفر السواحل في الجيش اللبناني، بأنه ضرب القارب مرات عدة مما أدى الى كسره وتسرّب الماء اليه، فحصلت الكارثة.

أما الجيش اللبناني، فأعلن أن المركب تعرّض للغرق أثناء محاولة تهريبهم بطريقة غير شرعية، قبالة شاطئ القلمون – الشمال، نتيجة تسرّب المياه بسبب ارتفاع الموج وحمولة المركب ‏الزائدة.

أهالي الضحايا توعدوا بمحاسبة “الجيش” و”النواب” و”المرشحين” أيضاً، وهذا ما دفع الجيش اللبناني لاستقدام تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة طرابلس تزامنا مع إطلاق رصاص وتوتر كبير شهدته المدينة.

مصادر سياسية تتخوف من أن يتم استغلال فاجعة طرابلس لإشعال فتنة داخلية تؤدي الى زعزعة الأمن “المتّكئ على قشة”.

ستتعدد الروايات حول سبب الحادث، ستنكّس الأعلام حداداً وتنهال التصاريح السياسية المعزّية بالضحايا.. وستعود الوسائل الاعلامية لبث برامجها العادية وتنتهي الحكاية.

أما بعد، فضحايا هذه الحادثة سيصبحون أرقاماً، وتجار الأرواح الذين يقبضون ثمن الهجرة نحو السماء، سيبقون أحراراً يسرحون ويمرحون في بلد قوي على الضعفاء والفقراء فقط.. وفي النهاية “العترة على يلي راحوا”!