هل تندلع الحرب مجدداً.. للضغط رئاسياً؟

| خلود شحادة |

لم تدم فرحة أبناء القرى الجنوبية طويلاً، فيما لم يفرح أبناء القرى الحدودية أساساً، لأنهم لم يعودوا بعد إلى قراهم التي يعمل العدو الإسرائيلي على جعلها أرضاً محروقة، بتدمير كل المنازل والبيوت ومحو معالم القرى.

“غصة التهجير” المستمرة لدى أهالي القرى الحدودية، أصابت أيضاً أبناء القرى داخل الخط “الوسطي”. أما “وادي الحجير”، الذي عرف بأنه “مقبرة الميركافا” في الـ2006، فقد أصبح مسرحاً لعرض “بطولات وهمية” للعدو الإسرائيلي، الذي يخرق القرار 1701 أمام أعين المجتمع الدولي.

هذا المشهد الذي استيقظ عليه اللبنانيون، استفزّهم وأخرج منهم أسئلة كثيرة: هل خُدع لبنان باتفاق وقف إطلاق النار؟ هل من ورقة سرّية غير معلنة تمنح “إسرائيل” حرية الحركة؟ هل دور لجنة مراقبة وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 هو تغطية استمرار الحرب الإسرائيلية على لبنان من طرف واحد؟

هذه الأسئلة تتوسع أكثر مع تسريب بعض التصريحات من كيان الإحتلال، والتي تشير إلى أن المشهد في الجنوب لم ينتهِ، وإلى بحث “إسرائيل” إمكانية تمديد مهلة بقائها في الأراضي اللبنانية بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً، إضافة إلى إمكانية عودة الحرب على لبنان.

يمكن وضع هذه “التهديدات” في خانة الضغط الذي يمارسه الإسرائيلي لتحقيق أعلى مستوى من الضمانات التي تكفل له الإستمرار بخروقاته، على مبدأ “القرقشة ولا الجوع للبنانيين”، أي “إقبلوا بالخروقات.. وإلّا”!

هذه التهديدات تؤمن للصهاينة ممارسة دور “الشرطي الدولي” في لبنان، وبالتالي تختصر “إسرائيل” دور الأمم المتحدة لمراقبة تطبيق 1701، ويتعطل دور الجيش اللبناني الذي أوعز إليه “حماية الحدود”، فإذا به يصبح شاهداً مكبّلاً على الاستباحة الإسرائيلية.

هل خدع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الحكومة اللبنانية؟

هل سلّم “إسرائيل” ورقة مختلفة عن التي تسلمها لبنان؟

لماذا لا يعمل هوكشتاين على ردع “إسرائيل”، بينما تطلب الولايات المتحدة الأميركية من لبنان “الصمت” و”ضبط النفس” عن ردة الفعل، فيما تترك “إسرائيل” تسرح وتمرح بخرق الاتفاق؟!

لكن، وفي الوقت الذي يسعى العدو الإسرائيلي لتثبيت معادلة “انتصاره” على لبنان عبر خروقاته اليومية، فإن ما يحصل يمنح وجهة نظر “حزب الله” مشروعية وصوابية، على النحو التالي:

– يكرّس العدو الإسرائيلي أنه لا أمان له، وهو ما سعى “حزب الله” لتأكيده لمن يعتبرون أنه بدون “حركشة” الحزب لن تُحرك “إسرائيل” ساكناً تجاه لبنان.

– أكد العدو الإسرائيلي، للخصم قبل الحليف، أن سلاح المقاومة ضرورة وليس ترفاً، وأن وجوده بحد ذاته يشكل حالة ردع للإسرائيلي.

– رغم حالات الاعتراض التي عاشتها بيئة المقاومة لـ”جبهة الإسناد”، إلا أنها عادت للتماسك والتعاضد في ظل محاولات العدو “نهش” هذا الجمهور.

أما “حزب الله”، المتفرغ لترميم واقعه المثخن بالجراح، فهو محكوم حالياً بالالتزام بالقرار 1701 “من طرف واحد” بناء لطلب الدولة اللبنانية.

التطورات التي حصلت عقب الاتفاق الذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية، سحبت مسؤولية الدفاع عن جنوب لبنان من المقاومة ووضعتها بين يدي الجيش اللبناني… لكنها بالتالي حشرت الجيش اللبناني في زاوية صعبة لأنه لا يستطيع الرد على الاعتداءات الإسرائيلية، لسببين: الأول أنه غير قادر بسبب قدراته العسكرية الضعيفة. والثاني، بسبب عدم وجود قرار سياسي من الحكومة بالرد على الاعتداءات.

هنا تبدو الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية، إما أن تستدرك سريعاً، أو سيصبح لبنان تحت وصاية إسرائيلية بتفويض أميركي يعطيها الحرية بالإمعان في سلوكها العدواني تجاه لبنان.

“حزب الله” ملتزم حتى اللحظة بـ”قرار الدولة”، وقد تنحى جانباً يراقب من بعيد، فيما استنفر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مستدعياً اللجنة الخماسية مسجلاً اعتراضه.

لكن، ثمة سؤال يطرح نفسه، أي دور لجنة المراقبة لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار؟

هل أصبح دورها مظلة لتغطية التجاوزات الإسرائيلية؟ أم أن ما يحصل يذهب بأبعاده أكثر من تحقيق الأطماع الإسرائيلية ويتخطاها إلى تحقيق الأجندة الأميركية سياسياً؟!

وبالتالي، هل يمكن تفسير ما يحصل، بأن الولايات المتحدة الأميركية تدفع “إسرائيل” لتجاوز وخرق الاتفاق، بهدف الضغظ على لبنان في الملف الرئاسي، لإيصال رئيس مدعوم أميركياً إلى سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية، ويكون هذا العدوان الإسرائيلي ورقة ضغط تستخدم في الاستحقاق رئاسة الجمهورية، بدلاً من الاجتياح الإسرائيلي على غرار العام 1982؟

كل الأجوبة، والتكهنات، والافتراضات، والتفسيرات… تمتلك شيئاً من الصحة، إلى أن تفرض الولايات المتحدة على “إسرائيل” وقف عدوانها والالزام باتفاق وقف إطلاق النار.