/ جورج علم /
لمن يصوّت اللبنانيّون؟
سؤال كبير. الجواب عليه قيد التحصيل من قبل بعثات مهتمة. هناك طواقم عمل تتحرّك، تستفتي، تعتمد على الإحصاءات الميدانيّة.
اللبنانيّون أمام المرحلة (ب) من الخطة الدوليّة.
المرحلة (أ) أنجزت. كان عنوانها “الإنتخابات ضرورة”، والنتيجة المستخلصة أنها ستجرى حتمّا، إلاّ إذا؟!…
ويركّز العاملون للمرحلة (ب) على عناوين ثلاثة: نسبة المشاركة. نسبة الوجوه الجديدة التي ستدخل المجلس. وأي محور سيمسك بالاكثريّة؟
الجديد المقلق، أن تحوّلاً طرأ لدى “المجموعة الدوليّة لدعم لبنان”، الحريصة على الإنتخابات، من عناوينه غياب الزخم، وتراجع الدعم، والإنصراف لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانيّة، إنطلاقاً من السلّة الغذائيّة، وصولاً الى التحديات الإستراتيجيّة.
هناك أصوات وازنة داخل الإدارة الأميركيّة، والإتحاد الأوروبي، تقول: “لتجرى الإنتخابات في موعدها، وفق مرحلة (أ)، وليقف لبنان بعدها في الصف الى جانب العراق، ودول أخرى في الإقليم”.
ما يريده بعض “التحالف الدولي”، “إلقاء القبض” على لبنان، من خلال الإنتخابات، والزجّ به في معتقل الإنتظار متعايشاً مع الإنهيار، والفوضى، على أّن يُنظر بوضعه بعد تحقيق مجموعة من الأهداف، بينها:
- الأمساك بالمفاصل الماليّة، الإقتصاديّة، والمرافق العامة، من خلال صندوق النقد الدولي. والأسلوب المتبع راهناً يقود الى هذه المحصلة.
- إلحاق لبنان بالقطار العربي ـ التطبيعي المتجه نحو “الصندوق الإبراهيمي”.
- إتضاح معالم التسويات الكبرى في سوريا، والعراق، والإقليم بوجه عام، ليبنى على الشيء مقتضاه في لبنان، الذي يعاني من مليوني لاجىء، ونازح فلسطيني، وسوري.
تحظى المرحلة (ب) التي يعمل عليها حالياً، بدعم من “المجموعة الدوليّة لدعم لبنان”، لكن من دون التزامات قاطعة. هناك رغبة جديّة في عقد مؤتمر خاص، برعاية الأمم المتحدة، لكن ليس هناك من قرار بعد، ولا من خريطة طريق، ولا من “منخرطين” فعليّين جديّين لتنفيذ هذه الورشة. الدول الكبرى المؤثرة لها إهتماماتها، وتتصدر الأزمة الأوكرانيّة أولوياتها القصوى، بمعزل عن “التفصيل” اللبناني!
في الصالونات المقفلة، كلام صريح: “لستم أفضل من العراق. إنه يحظى باهتمام دولي كبير يفوق أضعاف أضعاف الاهتمام بلبنان، ومع ذلك لا يزال معتقلاً في سجن الإنتظار، والتخبط. مشكلتكم انكم لم تتعلّموا من التجربة العراقيّة التي تنضح بالكثير من الدروس والعبر، وبينكم وبين الحالة العراقيّة أوجه شبه”.
في العام 2003، دخل “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة، الى بلاد ما بين النهرين، لينشر الديمقراطيّة، وحقوق الإنسان. في العام 2022، لا زال المواطن العراقي يبحث عن الديمقراطيّة، وحقوق الإنسان، دون جدوى!
في خريف 2019، إنتفض العراقيّون في الشوارع والساحات، مطالبين بإجراء إنتخابات مبكّرة لإحداث التغيير، ومحاكمة الفاسدين. وفي خريف ذلك العام، إنتفض اللبنانيون أيضاً مطالبين بالتغيير من خلال انتخابات مبكّرة، وتحوّلت الإنتفاضة الى “ثورة”، و”الثورة” الى شعارات ذهبت مع الرياح.. ولم يبق منها سوى النذر القليل، مرفوعاً على لوحات الإعلانات!
جرت الإنتخابات العراقية في تشرين الأول من العام الماضي، بإشراف أممي، ومشاركة لجان رقابيّة دوليّة، للتأكيد على النزاهة، والحريّة، والشفافيّة. وكانت النتيجة أن زجّ العراق في معتقل الإنتظار الطويل والمكلف.
- إعترفت المفوضيّة العليا للإنتخابات بأن نسبة الإقبال على التصويت كانت متدنيّة، 41 بالمئة!
- نسبة المقاطعين في صفوف الشباب المتحمّس للتغيير، كانت كبيرة جدّاً.
- كانت الإنتخابات بمثابة استفتاء على غياب الثقة بالقوى السياسيّة، واحتجاجاً على فسادها، وأيقن العراقيّون بأنها لن تقدّم حلولا للعراق!
بعد انقضاء نيف وستة أشهر على إجرائها، لا يزال العراق “مكبلاً” في معتقل الانتظار. لا حكومة جديدة. لا انتخاب رئيس. ولا تحديث للمؤسسات الرسميّة الناظمة.
لا يبعدنا عن التجربة العراقيّة، سوى أسابيع قليلة ـ هذا إذا جرت الإنتخابات ـ بعدها قد يأتي البابا فرنسيس ليرأس “صلاة البخور”، لراحة نفس الصيغة اللبنانية التي دمّرها العهر السياسي… والذي يسعى للتجديد لنفسه من خلال الإنتخابات!…














