/محمد حمية/
تستعد مدينة زحلة، أو “عروس البقاع” كما يمسيها “الزحلاويون”، لمعركة حامية الوطيس بين خليط من العائلات والبيوتات التقليدية والأحزاب السياسية والمستقلين ومجموعات المجتمع المدني.
تضُم دائرة البقاع الأولى 7 مقاعد موزعين طائفياً على الشكل التالي: مقعد أرمن أرثوذكس، مقعدين روم كاثوليك، مقعد روم أرثوذكس، مقعد سني، مقعد شيعي، مقعد ماروني.
تتنافس على هذه الدائرة ثماني لوائح:
- “زحلة الرسالة”، المدعومة من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” وحركة امل وحزب “الطاشناق”
- “سياديون مستقلون”، المدعومة من النائب ميشال الضاهر.
- “زحلة السيادة” المدعومة من حزب “القوات اللبنانية” وتضم مرشح الرئيس فؤاد السنيورة بلال الحشيمي.
- “الكتلة الشعبية” المدعومة من رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف.
- “زحلة تنتفض” برئاسة عيد عازر.
- “قادرين نواجه”: “مواطنون ومواطنات في دولة”.
- “التغيير”: مستقلون.
- “القول والفعل”: مستقلون.
تُعد زحلة من أكثر الدوائر الذي تتميز المعركة الانتخابية فيها بطابع الخصوصية الزحلاوية والعائلات في وجه الأحزاب، وتسمى دائرة المفاجآت، نظراً للنتائج التي تخالف التوقعات والاستطلاعات والحسابات الانتخابية، على غرار ما حصل في انتخابات 2009 و2018.
أربع لوائح مؤهلة للفوز بالحاصل الانتخابي
بحسب الاستطلاعات الأولية، فهناك أربع لوائح مؤهلة للفوز بحواصل انتخابية: لائحة “سياديون مستقلون” المدعومة من ميشال الضاهر، ولائحة “زحلة الرسالة” المدعومة من “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” و”الطاشناق”، ولائحة “القوات اللبنانية” وكذلك لائحة “الكتلة الشعبية”.
يبلغ عدد الأصوات في دائرة البقاع الأولى حوالي 184 ألفاً يقترع منهم حوالي 90 ألفًا ويبلغ الحاصل الانتخابي 13 ألف صوتاً. وسيتوزع الصوت المسيحي على أربعة قوى رئيسية: “التيار الوطني الحر”، “القوات اللبنانية”، “الكتلة الشعبية” والنائب الضاهر، وبعض مجموعات المستقلين والمجتمع المدني.
“التيار الوطني الحر”
يتمتع التيار الوطني الحر بحضور قوي في زحلة عبر نائبه سليم عون، ويتحصن هذا الحضور بالتحالف مع ثنائي “أمل” و”حزب الله” وحزب “الطاشناق”، إذ يلعب الصوت الشيعي عاملاً مرجحاً لكفة لائحة على أخرى، ويفوق عدد الناخبين الشيعة الـ20 ألفاً. ويمتاز الصوت الشيعي بنسبة تصويت مرتفعة وثابتة، أو ما يعرف بـ”البلوك الانتخابي” كما تظهر الأرقام في الانتخابات الماضية، ولدى “أمل” و”حزب الله” القوة الأكثر تأثيراً في الصوت الشيعي الذي سيرفد لائحة “التيار الوطني الحر” ضمن الاتفاق بين “أمل” و”الحزب” و”التيار” في مختلف الدوائر، ويستطيع هذا “البلوك الشيعي” تأمين حاصلين انتخابيين وبالتالي حصد مقعدين، ما يُمكن اللائحة من الفوز بثلاثة مقاعد نيابية إذا صحت التوقعات.
“القوات اللبنانية”
في عام 2018 فازت “القوات اللبنانية”، مدعومة من تيار “المستقبل”، بمقعدين في دائرة زحلة، ودخل النائب جورج عقيص عن المقعد الكاثوليكي والنائب سيزار معلوف عن المقعد الارثوذكسي، وبلغ عدد الأصوات “القواتية” في الانتخابات الماضية 11 ألف صوت، لكن “القوات” اليوم ستخوض معركة “الصوت التفضيلي” الذي حسمته للنائب عقيص والمرشح الأرثوذكسي الياس إسطفان بعد خلاف داخل اللائحة “القواتية” على هذه النقطة، وكذلك في ظل انكفاء ناخبي تيار “المستقبل”، فضلاً عن حالة نفور في الشارع السني من “القوات” بسبب اتهامها بأنها “غدرت بالرئيس سعد الحريري”. وهذا ما سيصعّب إمكانية الحصول على حاصلين انتخابيين اثنين، كما فعلت في انتخابات 2018.
وتخوض “القوات” معركتها تحت عنوان سياسي عريض هو “سلاح حزب الله ومحاولة سيطرته على المدينة وسلب قرارها”، والتخويف من الصوت الشيعي، ما سيشد العصب المسيحي لصالح “القوات”، لكنه من جهة ثانية سيستنفر الصوت الشيعي لصالح لائحة “التيار الوطني الحر” التي تضم المرشح عن المقعد الشيعي رامي أبو حمدان.
وبحسب مصادر ميدانية لموقع “الجريدة”، فإن المال الانتخابي سيلعب دوراً كبيرًا في التأثير على اتجاهات الناخبين، كون المدينة تحوي الكثير من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال والمغتربين والعائلات السياسية والموجودين في معظم اللوائح، فضلاً عن القرار السعودي بدعم لوائح “القوات” بمختلف الدوائر.
تيار “المستقبل”
الجديد في هذه الدائرة بحسب مراكز دراسات واحصاءات، هو غياب تيار “المستقبل” عن الساحة الانتخابية، والذي كان حاضرًا بقوة في الانتخابات الماضية، ما سيؤدي الى تشتت الأصوات السنية التي تفوق 30 ألف صوت، بين الانكفاء وبين قوى متعددة، ما سيفقد لائحة “القوات” الصوت المستقبلي السني الذي يصب لصالحها كما في الانتخابات الماضية، وإن حاول السنيورة بدفع سعودي تجميع ما يستطيع من الاصوات السنية للائحة “القواتية”.
وتكشف معلومات ميدانية عجز السنيورة عن جذب المستقبليين لتجييرهم لصالح “القوات” رغم الدعم السعودي المالي والسياسي، والسبب رفضهم التصويت لـ”القوات” ومخالفة قرار الرئيس سعد الحريري. ما يعني أن اللوائح الثلاث الأخرى ستحصل على القسم الأكبر من المقترعين السنّة، بنسب متفاوتة، وستحصل لائحة ميشال ضاهر ولائحة ميريام سكاف على القسم الأكبر من الصوت السنّي. كما ستنال لائحة “التيار الوطني الحر” جزءاً هاماً من الأصوات السنية، لا سيما وأنها تضمّ في صفوفها المرشح حسين ديب صالح عن المقعد السني. لكن الثغرة في هذه اللائحة تكمن في أن الأصوات الشيعية ترفع الحواصل الانتخابية للائحة من دون الأصوات التفضيلية التي ستذهب حكماً للمرشح الشيعي انطلاقاً من قرار قيادتي “أمل” و”حزب الله” بإقفال المقاعد الشيعية لصالحهما في مختلف الدوائر.
ميشال الضاهر
بدوره، يدخل النائب ميشال الضاهر المعركة تحت عناوين اقتصادية ومالية، بعيداً عن السياسة التقليدية وخلافات وصراعات الأحزاب السياسية، ويعتمد على ثقة الزحلاويين ومحبتهم، نظراً لوقوفه الى جانب المدينة وأهلها في مختلف الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة، وتحديداً في العامين الماضيين. ويحظى الضاهر بشعبية واسعة في المدينة وفي البقاع عموماً، ومن مختلف الطوائف. ويتكئ نائب البقاع على هذه الشعبية وعلى المشاريع الصناعية والتجارية التي أقامها في المدينة، والتي ساهمت بتوظيف مئات العمال وتحريك العجلة الاقتصادية في المنطقة.
أما لائحة “زحلة تنتفض”، فتخوض المعركة بوجه الأحزاب كافة والسلطة السياسية، وتستقطب الناخبين الناقمين والمنتفضين على السلطة القائمة، وتراهن على رياح التغيير والتحول في المزاج الشعبي العام في وجه السلطة بعد 17 تشرين 2019.
أما لائحة “الكتلة الشعبية”، فتحاول اللعب على الوتر الزحلاوي و”السكافي”، وتظهير صورة “اقتحام” الأحزاب “الغرباء” للمدينة ومصادرة قرارها، وتعويم الأحزاب على حساب العائلات الزحلاوية.
وتكتسب المعركة في “عاصمة الكاثوليك” أهمية إضافية كونها تساهم في تحديد الأكثرية النيابية، ورغم التوقعات الأولية، لكن يبقى صندوق الاقتراع هو الحاسمة.