“الثنائية الجديدة” تتسابق في فراغ “الجسور المعلّقة”.. إلى 15 أيار!

/ جورج علم /

تختزل “الثنائيّة الجديدة”، الواقع اللبناني المدرج على لائحة التريث، بإنتظار نتائج التصفيات النهائيّة لمفاوضات فيينا، والأزمة الأوكرانيّة.

السيّد حسن نصرالله لا يحتاج الى تعريف، ولم تدخل إضافات جديدة على المكانة التي يحتلها.

السفير وليد البخاري مالىء البلد، وشاغل الناس هذه الأيام، تدور حول مكانته إضافات جديدة، من قائل بأنه “صاحب الزمان والمكان” عند “الفريق السيادي”، الى قائل بأنه “بطل الرواية” التي تتحدث عن مبايعة شبه مطلقة، لملء الفراغ، ولجم الضياع في الأخدود السنّي.

كان سعد الحريري صاحب همّة، ليالي ملاح، وإفطارات حتى الصباح، إنتقلت برونقها من بيت الوسط، الى دارة البخاري.. وجوه، وفعاليات، وتصريحات تنضح بالولاء، وتدعو بطول الباع والذراع، لإنعاش الجيوب، بهدف تحقيق المرغوب المطلوب!

لا تحتاج “الثنائيّة” الجديدة الى بطاقة تعريف أشمل. حواضر البيت تكفي. هناك انتخابات مفصليّة، والمطلوب تأهيل “الفريق السيادي” للشوط الأخير، وهذه مسؤولية البخاري، أو على الأقل هذه هي بطاقة التعريف المتداولة حول مآدب الإفطار. الماديات ترفع المعنوايات، لكن النواحي اللوجستيّة غير متكافئة. ما بين الرياض وبيروت جسر جوي، في حين أن الخط البرّي، غير متطابق والمواصفات، وهناك مطبات كثيرة وعوائق لا بدّ من إزالتها.

علّمتنا دروس التاريخ، وثوابت الجغرافيا، أن لبنان شهد نوعاً من الاستقرار الأمنيّ والاقتصاديّ، خلال حقبة (س. س). وإن الملك عبدالله بن عبد العزيز، رحمه الله، وصل الى بيت الوسط عن طريق دمشق، وهو القادر يومها بأن يختصر المسافة، ويصل بطائرته الى مطار رفيق الحريري بكل رحابة، لكنّه غلّب الحكمة على الإمكانات، واختار ما كان مفيداً – آنذاك – لمصلحة لبنان!

الطريق أمام “حزب الله” سالكة، وآمنة الى حدّ بعيد. ومن يصل الى دمشق يصل الى بغداد، وعواصم أخرى.

ويتواجد الإماراتي حاليّاً في دمشق، وقد استقبلت، قبل أسابيع، وزير الخارجيّة الشيخ عبد الله بن زايد، ثم استقبلت أبو ظبي الرئيس بشّار الأسد. ورغم التنسيق القائم ما بين السعوديّة والامارات، فإن الجسر الجوّي لا يكفي وحده لإنعاش بيروت، فضلاً عن أنه غير مضمون الجانب من المطبّات الهوائيّة المفاجئة!

“حزب” الله ليس بحاجة الى جسر، طرقه سالكة ما بين الضاحية، ودمشق، وبغداد، وصولاً إلى صنعاء… تحالفاته واضحة، وخطوط إمداداته مؤمنة. يقول إنه “أهل الأرض، وحافظ السيادة”، فيما “التيار السيادي” يحتكر شرف الادعاء بأنه وحده حامي الأرزة، ومرقد العنزة!

أهميّة الجسر السعودي أنه متصل، ومتواصل، مع الجسر الفرنسي الناشط ما بين باريس وبيروت، وأيضاً الجسر الأميركي الممتد من واشنطن، وصولاً إلى قيادة الجيش في اليرزة. والجسور الثلاثة معنية بوضع الانتخابات على سكّة الأمان، ونقلها من المنطقة الرماديّة إلى محطة 15 أيار. لكن عمليّة النقل ليست سهلة، لأن الإستحقاق المحلي مرتبط بحسابات خارجيّة، والخارج مرتبط بدوره بمستجدات المسألة الأوكرانيّة، وحسابات المفاوضات النووية على بيدر فيينا، وهذا ما يجعل الأمور ملتبسة ما بين الحسم، والمراوحة.

حرّاس الجسور الثلاثة في بيروت، السفراء: البخاري والفرنسيّة آن غريو والأميركيّة دوروثي شيا، أكدوا على متانتها، وأن المؤتمنين عليها، أصحاب إمكانات، وقدرات، ومبادرات، ويملكون زمام القرارات، فيما “الفريق المستهدف” يرى أن “الأوتوسترادات” البريّة مفتوحة أمام “الحزب”، تؤمن له الإمساك بالأرض… والقرارات، في النهاية، تنفّذ على الأرض، وليس في الهواء…!

ويبقى أن عودة البخاري، وفي هذا التوقيت، تتصف بأهميات، منها أنها:

  • ضخّت منسوباً عاليا من المعنويات عند فريق من أهل السنّة، ودفعت بفعاليات هذا الفريق إلى رفع رايات الترحيب بالمملكة، ودورها في لبنان، فيما السفير المصري يتابع ما يجري من شرفة مكتبه. ومثله سفراء كثر يمثّلون حيثيّة عربيّة مهمّة على الساحة اللبنانية.
  • ضخّت منسوباً عالياً من المعنويات في صفوف ما كان يعرف بقوى “14 آذار”. وكانت صورة الإفطار غنيّة بالوجوه التي لعبت طويلا في ملعب الرئيس رفيق الحريري، ثم وريثه السياسي سعد الحريري. حتى الرئيس برّي كان ممثلاً، لكن لم يعرف ما إذا كانت الدعوة قد تمّت من منطلق كونه رئيساً لمجلس النواب، أو لحركة “أمل”…
  • ضخّت منسوباً عالياً من المعنويات لدى العديد من اللوائح الانتخابيّة، وفي العديد من المناطق التي تنتظر “الفول حتى يصبح في المكيول”…

وعلى وقع هذه الديناميّة، انطلقت المواجهة بين “الثنائيّة”. البخاري يزور، ويُزار، ويتحدث، ويكثر من الاستقبالات، ومآدب الإفطار. فيما السيّد نصر الله يطلّ من موقع “فائض القوّة”، ليؤكد إمساكه المحكم بالعديد من زمام الأمور، ومفاصلها الحيويّة.

إلاّ أن الساحة ليست متروكة لا “للثنائيّة”، ولا للمتبارزين، وهناك أسئلة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات:

ـ لم تلحظ بيروت حراكاً دبلوماسيّاً إماراتيّاً موازياً للحراك السعودي. هل من تنسيق، أم هناك تنوع؟

ـ هل من باب المصادفة أن يصل السفير القطري الجديد إبراهيم السهلاوي الى مكتب وزير الخارجيّة والمغتربين، في الوقت الذي كانت تتجه فيه مواكب أصحاب الفخامة، والمعالي، والسيادة نحو دارة السفير السعودي للترحيب، وشرح واقع الحال، بهدف تحقيق بعض الآمال، أو ما يجول في البال؟

ـ هل من علاقة لكل ما يجري بالمبادرة الكويتيّة ـ الخليجيّة، أم أنها تحوّلت الى “مسمار جحا”، ووضعت على الرف، لأن الأولويّة للانتخابات، وللدور السعودي المنسّق فرنسيّاً ـ غربيّا؟

أيّاً تكن الإجابة، هناك حواصل ثلاثة:

ـ البخاري يتحوّل إلى مرجعيّة.

ـ السعوديّة تعيد تركيب “بازل” 14 آذار.

ـ “الثنائيّة” تجتهد في الحقل الانتخابي، لتفرز غلاله على بيدر 15 أيار…

وبعد 15 أيار لكل حادث حديث…