/ إيناس القشّاط/
في 13 نيسان من كل عام، يستذكر اللبنانيون صراع الحرب الاهلية، التي اندلعت شرارتها في عام 1975، واستمرت إلى عام 1990.
ما سقط على لبنان خلال الحرب الاهلية، ما زال محفوراً في قلوب اللبنانيين، حيث باتت تسكن تلك الحرب بمآسيها وصورها المؤلمة، ذكرى وعِبرة، في أعماق الشعب “العنيد” الذي يرفض أن لا يموت.
الأحداث
لم تندلع الحرب الأهلية اللبنانية فجأة، وإنما سبقتها أزمات بنيوية، وأسباب متصلة بموقع لبنان الإقليمي، وتحول إلى ساحة صراع.
ففي 13 نيسان 1975، تعرّض رئيس حزب “الكتائب”، بيار الجميّل وأنصاره، إلى إطلاق نار عند خروجهم من كنيسة في ضاحية عين الرمانة. واتهم الجميّل، الفلسطينيين بالوقوف وراء العملية. وفي نفس اليوم، وفي المنطقة ذاتها، تعرّض مسلحون ينتمون لحزب “الكتائب”، لحافلة متوجهة إلى مخيم تل الزعتر، تحمل فلسطينيين كانوا في طريقهم الى تل الزعتر، وأطلقوا النار على ركابها ما أدى إلى سقوط 27 ضحية بينهم.
في نفس الليلة، اندلعت معارك بين الفلسطينيين والمسيحيين. ولم تنجح محاولات التهدئة والمحادثات السياسية إلى لجم الوضع، فيما حمّلت “الحركة الوطنية اللبنانية”، التي بزعامة كمال جنبلاط، “الكتائب” مسؤولية الحادثة، وما لبثت أن انضمت للفلسطينيين.
و توّسع القتال بعدها، ليشمل مناطق أخرى من لبنان، لتدخل البلاد في دوّامة صراعات وأزمات دامت خمسة عشر عاماّ.
في المرحلة الأولة استمرت الحرب عامي 1975 و1976، وتوقفت بدخول الجيش السوري الى لبنان كقوات ردع عربية، لكن الجبهات عادت واشتعلت من جديد، واستمرت الحرب 15 عاماً تخللها اجتياحان إسرائيليان عامي 1978 و1982، حيث احتلّت القوّات الإسرائيلية العاصمة اللبنانية وفرضت ترحيل فصائل منظمة “التحرير الفلسطينية” عن لبنان.
ورغم ذلك لم تتوقف الحرب، فانعقدت مؤتمرات بين اللبنانيين في جنيف ولوزان، في سويسرا، عامي 1983 و1984، إلى أن انعقد مؤتمر الطائف في السعودية عام 1989، وأقرّ النوّاب اللبنانيّون وثيقة الطائف التي أضبحت في العام 1990 دستوراً جديداً للبلاد، والذي بدوره انهى الحرب الأهلية.
نتائج الحرب
من أخطر النتائج التي ترتبت على الحرب الأهلية، التهجير والفرز الديني، والمناطقي. وقد قدّر عدد ضحاياها بـ 150 ألف ضحية و300 ألف جريح ومعوق، و17 ألف مفقود.
وهجّر بسببها، أكثر من مليون نسمة، في بلد كان عدد سكانه ثلاثة ملايين، ونزح نحو 600 ألف شخص من 189 بلدة وقرية مسيحية وإسلامية، أي ما يعادل 21.8% من مجموع السكان.
كما قدّرت خسائر الحرب المباشرة، التي أصابت رأس المال الإنشائي والتجهيزي، في القطاعين العام والخاص، بنحو 25 مليار دولا أميركي.
مجازر الحرب الأهلية
تطول قائمة المجازر التي حصلت في الحرب الاهلية اللبنانية، الا ان بعضا منها عاش في ذاكرة اللبنانيين وعيونهم.
ومن بين المجازر:
قائمة مجازر الحرب الأهلية اللبنانية: مجزرة القاع، مجزرة كفرنبرخ، مجزر بمريم، مجزرة شرتون، مجزرة مجدليا، مجزرة الجسر القديم، مجزرة كفرحيم، مجزرة شمال الدامور، ماساة محلة أبو شاكر، مجزرة كفرمتى، مجزرة شكا وحامات، مجزرة بحمدون، مجزرة عين الرمانة، مجزرة دير دوريت، مجزرة داريا ـ زغرتا، مذبحة البوسطة، مجزرة الصنائع، مجزرة صبرا جديدة، مجزرة عبيه، مجزرة عينطورة، مجزرة كفربرخ، مذبحة الصفرا، مذبحة المسلخ، مجزرة إهدن، مجزرة سحمر، مجزرة الدامور، مجزرة بمريم، مجزرة صبرا وشاتيلا، مجزرة شكا، مجزرة السبت الأسود، مجزرة الكرنتينا
تنذكر وما تنعاد
لم ينس اللبنانيون مآسي الحرب الاهلية، الا أن الأوضاع المعيشية الصعبة، التي تعصف بلبنان، اثقلت كاهل اللبنانيين إلى درجة أنهم استذكروا هذه المحطة الأليمة من تاريخ لبنان بصورة عادية.
وتحت هاشتاغ “تنذكر وما تنعاد”، عبر روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، عن وجعهم وألمهم، بذكرى الكارثة المدوية، التي سقطت على لبنان لمدة 15 عام، مؤكدين أن الحرب الاهلية لم تنته بل هي مستمرة ولكن بصورة مختلفة.
اللبنانيون الآن، في هذه الظروف الاقتصادية، تحت زخات الغلاء وليس الرصاص، والأوضاع الأمنية في السِلم كارثية، الى جانب الوضع الاقتصادي والمعيشي، الذي حرم الفقير، من أن يحصل على قوته اليومي. الغلاء الفاحش يأكل الأسواق، وأموال المودعين ابتلعتها المصارف، فلم يعد المواطن “يحنُّ الى خبز أُمه” لأنّ لا طحين في الأسواق، ولا حضن يزيل الإرهاق.
وهذا ما اكدّ عليه أحد الروّاد بالقول: “صحيح كان هناك حرب، لكن الظروف المعيشية كانت أفضل من اليوم”.