| مرسال الترس |
منذ أن خرج رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة من السراي الحكومي، في التاسع من تشرين الثاني عام 2009، وهو يسعى دائماً للبقاء ضمن الصورة السياسية التي تمكّنه من التأثير في الأحداث السياسي، وهذا حقه، متجاهلاً كل السقطات التي رافقته خلال عمله، ولا سيما الانتقادات الحادة التي كانت توجّه إليه، إن من العاملين في السياسة أو من الرأي العام الذي اكتوى بقراراته المالية والاقتصادية.
لا يستطيع أحد من اللبنانيين أن يُنكر أن الرئيس السنيورة من الأسماء القليلة جداً في التاريخ اللبناني، منذ الاستقلال، الذين شكّلوا التباساً، ليس في السياسة فحسب وإنما في الاقتصاد والمال أيضاً، حتى بات يُقال إنه تفوّق بأشواط على إسم “السلطان سليم” شقيق أول رئيس للجمهورية في لبنان بعد الاستقلال الرئيس بشارة الخوري الذي امتدت فترة ولايته لتسع سنوات.
السنيورة، الذي جاء به الرئيس الشهيد رفيق الحريري كمستشار بارع مساعد له في الشؤون المالية، تسلّم زمام أهم الوزارات، وهي وزارة المال، لنحو عقد ونصف، قبل أن ينتقل منها إلى القصر الحكومي ويبقيها تحت جناحه.
وقد صدرت العديد من الانتقادات والروايات الشعبية عن أسلوبه في إدارة المال العام، ولعل أشهرها الكتاب الذي سعى لإصداره مؤسس “التيار الوطني الحر” الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون تحت مسمى “الإبراء المستحيل”، ولكنه تخطاه، كما العديد من القضايا التي رُفعت بحقه وكادت توصله إلى السجن والتي كان يصنّفها في باب الافتراءات.
ولكن “تيار المستقبل” الذي احتضن السنيورة، كما العديد من الشخصيات التي انكفأت عنه، وصل إلى مرحلة التبروء من ابن صيدا، نظراً للدور الواسع جداً الذي فرض نفسه عليه وعلى العديد من نوابه ووزرائه، مما دفع العديد من كبار المسؤولين في “التيار الأزرق” إلى توجيه اللوم له على تخطيه أحياناً رموز التيار، ووضع خطوط حمراء أمام أساليبه في حصر القرارات به.
الذي لفت الأسبوع الماضي، عندما ظهر الرئيس السنيورة في صورة واحدة مع الرئيسين السابقين للجمهورية أمين الجميل وميشال سليمان من أجل زيادة أسماء على المطالبة بتنفيذ القرار 1701 وإرسال الجيش إلى الجنوب، “وبالطبع تسليم سلاح المقاومة للدولة اللبنانية”… وكأن السياسيين المسؤولين حالياً في لبنان لم يبح صوتهم من أجل تكرار هذه الأمثولة.
كان الأجدى أن تعتمد الشخصيات التي “تُحال إلى التقاعد” بعد ممارستها السلطة، أن يتحوّل دورها إلى استشاري إذا ما ارتأى المسؤولون في الدولة أن يأخذوا برأيهم، إلاّ إذا كان في نيتهم استعادة دور لم يعد لهم في هذه الطائفة أو تلك!