| مرسال الترس |
فرضت الطائفة الشيعية إيقاعها على القمة الروحية المسيحية ـ الإسلامية، التي انعقدت في الصرح البطريركي في بكركي يوم الأربعاء الفائت، على خلفية حماية المقاومة، ومن منطلق أن كافة المجتمعين أبدوا حرصهم على ترميم العلاقة بين الطوائف والمذاهب، بعد مرحلة طويلة من التباعد في الآراء حول العديد من القضايا الجوهرية.
حتى ساعات سبقت انعقاد القمة، لوّح ممثلو الطائفة الشيعية بعدم المشاركة ما لم يؤخذ بتوجهاتهم في صياغة البيان الختامي. وقد لعب شيخ عقل الطائفة الدرزية سامي أبي المنى دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر، متأثراً ربما بالتوجه الجديد في السياسة الذي اعتمده الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط.
وفي هذا السياق سجل المتابعون الملاحظات التالية:
* طالبت القمة الروحية، التي غابت لخمس سنوات ونصف خلت رغم قساوة الاحداث التي مرّت على لبنان، بـ”الشروع فوراً بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701 كاملاً، من دون الإشارة الى القرار 1559 الذي يهدف إلى نزع سلاح حزب الله تحديداً، والذي ركّز عليه لقاء “معراب 2” من منطلق أن كل من يحمل لواء المعارضة بات يرفع هذا الشعار بوجه الحزب، وفي كثير من الأحيان من باب النكايات ونكء الجراح بين مكونات المجتمع اللبناني.
* دعت القمة، التي عمل أكثر من طرف سياسي على التئامها بكامل أعضائها، إلى “إعادة تكوين المؤسسات الدستورية، لا سيما قيام مجلس النواب، وفوراً، بالشروع في انتخاب رئيس للجمهورية، يحظى بثقة جميع اللبنانيين”، من دون أن تشير الى عبارة “رئيس توافقي” التي تركز على استخدامها المعارضة ومعها بعض المراجع الدينية من باب الرد على دعم “الثنائي الشيعي” لترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية والرفض له. مع التذكير بأن فرنجية بات المرشح الجدي الوحيد على الساحة السياسية. في حين تتخبط “المعارضة” في خياراتها، ولم تستطع حتى الساعة استنباط اسم لا يشكّل حساسية على سبيل المثال لـ”التيار الوطني الحر” أو حزب “القوات اللبنانية”!
* ثالثاً أكدت القمة أنّ “العدوان الإسرائيلي الهمجي يطال كل لبنان، وينال من كرامة وعزة كل اللبنانيين”، في حين أن شرائح عدة من الأفرقاء السياسيين في “وطن الأرز” لا يتوانون عن اتهام “حزب الله” بجر لبنان إلى الحرب، في وقت يكرر فيه رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو أن اسرائيل تستهدف “حزب الله” فقط، وهي لا تقاتل اللبنانيين الأخرين. الأمر الذي يدفع المراقبين الى تلمّس خيوط تقاطع بين الموقفين!
يمكن القول إن بيان القمة الروحية جاء متمايزاً جداً، وبخطوات عدة عن بيانات سابقة، وإن اللبنانيين قادرون على التلاقي والتوافق على القضايا الوطنية إذا ما صَفَت النيات، ووضعوا مصالحهم الشخصية جانباً. ولكن، يبدو أن معظم السياسيين ليسوا في وارد اعتماد هذه الأساليب لغايات في نفس كل يعقوب منهم.