| مرسال الترس |
ظن الكثير من المعارضين السياسيين لترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية أنه فور سماعه بخبر استشهاد سيد المقاومة حسن نصر الله، سيلتزم دارته في بنشعي منطوياً على نفسه، في وقت بدت فيه علامات بعيدة عن التشنج في معراب، وترددات الاعتداد بالنفس الممزوجة بالحيرة على ميرنا الشالوحي!
فباسيل الذي تذبذبت علاقته بـ”حزب الله” في أكثر من مرحلة إبان هذه الحرب، فيما كان الحزب قد ميزه عن كثيرين، ورفده بقوة نيابية غير مسبوقة في المجتمع المسيحي، قد سَكِر في نشوته واعتقد أن ظله الذي رأه في الصباح سيبقى كما هو عند الظهيرة. فبدأ بترجمة غطرسته، ليس على من حوله فقط، بل على من كان السند له وقت الشدّة، حتى أنه عندما أراد أن يقنع البطريرك الماروني بشارة الراعي بالبحث عن مرشح توافقي أجابه سيد بكركي: “وكيف سنتصرف إزاء ترشيج فرنجية؟”، فما كان منه الاّ سقط السقطة الغريبة حينما أجاب: “يلي كان داعموا راح”! وكأنه كان يظن، كما آخرين، أن “حزب الله” قد انتهى باستشهاد سيد المقاومة.
ولكن الردود جاءت لباسيل من حيث يعلم، ومن حيث يجهل، حتى ظهر في آخر إطلالة تلفزيونية له يخبط خبط عشواء في المواقف، وسط مجموعة ممن يصفقون بدون هدف، ما اضطره الى تنبيههم أكثر من مرة الى أن هذا الموقف ليس مثل ذاك، ويتطلب الحزن أكثر من التصفيق. هذا في البياضة المرتبطة بميرنا الشالوحي، أما في معراب، فالمشهد كان مربكاً إلى حد الإحراج. كان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع قد التزم الصمت المطبق على العديد من الأمور، ومنها الاستحقاق الرئاسي والحرب، بالرغم من أنه كان يطل بشكل شبه يومي ليعلّق على أي حدث أو تطور عادي أحياناً. ففي هذه المعمعة، لم يشأ أن يؤكد أو ينفي ما يتردد في مختلف الأوساط من أن حزب “القوات اللبنانية” ينتظر تكرار مشهد 1982 في العام 2024. في حين أطلّت عقيلته النائب ستريدا جعجع لتقول، على هامش مؤتمر “الدفاع عن لبنان” الذي أرادته “القوات” كي تلبس عباءة الوطنية، بأن الأمور لم تصل بعد إلى حد إعلان ترشيح “الحكيم” إلى رئاسة الجمهورية في هذا الظرف بالذات. ولهذا وسواه، ظهر المؤتمر بعيداً جداً عن المستوى الذي كان يُراد له، ما دفع بوجوه سياسية إلى الإسراع في توصيف رئيسه بأنه “قطب” مسيحي وليس “زعيماً” لكي يسير معه حلفاؤه بما يخطط ويرسم فقط. ما دفعه الى التركيز على المطالبة برئيس جمهورية همه الأساسي العمل على تنفيذ القرارات الدولية المرتبطة بنزع سلاح “حزب الله”، وهي القرارات 1559 و1680 و 1701، قبل أي أمر آخر، في حين سارع رئيس “تيار الكرامة” النائب فيصل كرامي الى التعليق على المشهد قائلاً: “الإناء ينضح بما فيه، ومن شبّ على شيء شاب عليه”.
والسؤال المطروح بقوة هو: هل سينتظر جعجع مؤتمر “معراب 3” بعد ظهور نتائج الحرب، أم سيتجه لعقد الاتفاقات الجانبية؟
أما فرنجية، ورغم حزنه المضاعف على سيّد نادر في الصدق والوفاء، فقد بدا متماسكاً راسخاً في موقعه إلى أبعد الحدود، لأن المآسي قد صهرته، وأراد الرد على من اعتقد أن دوره انتهى بعد التطورات الأخيرة، فنسّق لقاءً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ليذكّر من فاته بتاريخ العائلة أنه ثابت في مواقفه مهما اشتدت وتنوعت الأزمات، وليعلن من على باب التينة أنه مستمر بترشيحه الذي دعمه “الثنائي الشيعي” وأطراف عدة آخرين، منهم المعلن ومنهم المستتر، من دون أن يختبئ وراء مواقف غير واضحة كما يفعل أخرون. ولذلك قال بشجاعة وفروسية معروفة عنه بأنه مستعد لتقديم الدعم لقائد الجيش العماد جوزيف عون إذا ما قيّض له أن يكون هو رئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة! وبذلك رسم المشهد للمرحلة المقبلة ووضع الخطوط الحمر حيث يجب أن تكون!