رسم لخريطة غزو “إسرائيل” للبنان

| صحيفة “نيويورك تايمز” |

توسّع غزو “إسرائيل” لجنوب لبنان، الذي يدخل الآن أسبوعه الثالث، في الأيام الأخيرة ليشمل جبهة جديدة بالقرب من الساحل المتوسطي. يُظهر تحليل لصور الأقمار الصناعية التجارية مواقع عدة عبرت فيها المركبات المدرعة الإسرائيلية الحدود في ما يسمّيه المسؤولون “الإسرائيليّون” منطقة عسكرية جديدة.

أين تقاتل “إسرائيل” في لبنان؟

وسّعت “إسرائيل” مناطقها العسكرية المغلقة على طول الحدود بشكل أكبر. يوم الاثنين، أبلغ الجيش “الإسرائيلي” سكّان البلدات اللبنانية التي تبعُد حوالى 30 ميلاً عن الحدود – وهي أبعد نقطة شمالاً حتى الآن – بضرورة مغادرة منازلهم والتوجّه شمال نهر الأولي.

مع تقدّم القوات “الإسرائيلية” في لبنان، تعرّضت بعثات حفظ السلام التابعة إلى الأمم المتحدة بالقرب من الحدود، لنيران “إسرائيلية” في الأسبوع الماضي، ما أدّى إلى إصابة أفراد عدة من قوات حفظ السلام.

يوم الأحد، دخلت دبابات “إسرائيلية” قاعدة تابعة للأمم المتحدة بالقرب من بلدة رميش في لبنان، في أحدث تحدٍّ إسرائيلي لقوات حفظ السلام منذ بدء الغزو البري. وغادرت الدبابات بعد حوالى 45 دقيقة، بعد أن حذّرت الأمم المتحدة الجيش بأنّ ذلك يعرّض قوات حفظ السلام إلى الخطر.

تواجدت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان منذ عام 1978. ودعت إسرائيل الأمم المتحدة إلى سحب قوات حفظ السلام، لكن القوة الأممية رفضت تلك الدعوات.

في شمال لبنان، واصلت “إسرائيل” غاراتها الجوية على أهداف في العاصمة اللبنانية بيروت ومحيطها.

في الأسبوع الماضي، دمّرت الغارات الجوية الإسرائيلية جزءاً من منطقة مكتظة بالسكان في وسط بيروت، ما أسفر عن مقتل 22 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 100 آخرين، بحسب المسؤولين اللبنانيِّين.

استهدفت إسرائيل المنطقة الواقعة جنوب المدينة مباشرة، والمعروفة باسم الضاحية، عدة مرات منذ اغتيال زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في أواخر أيلول. لكنّ الغارات الجوية في وسط بيروت الأسبوع الماضي كانت المرّة الثالثة والرابعة فقط التي يُعتقد أنّ إسرائيل قد ضربت المدينة نفسها منذ عام 2006.

استهدفت الغارات منطقة سنّية إلى حَدٍّ كبير في بيروت، حيث كان النازحون يلجأون طلباً للأمان من القصف الإسرائيلي العنيف في الضاحية وأجزاء أخرى من البلاد.

أين تُظهر الأدلة المرئية وجود القوات “الإسرائيلية” في لبنان

تشنّ “إسرائيل” هجوماً متعدّد الجبهات على جنوب لبنان، وفقاً لتحليل من صحيفة «نيويورك تايمز» لصور الأقمار الصناعية التجارية ومقاطع الفيديو التي نشرتها القوات الإسرائيلية. وتُطلق الهجمات من مناطق في شمال إسرائيل صُنِّفت كمناطق عسكرية مغلقة.

في أوائل تشرين الأول، أعلن “حزب الله” عن مواجهات مع القوات الإسرائيلية في ثلاث بلدات حدودية، لكن كانت التفاصيل حول مدى الغزو الإسرائيلي نادرة. وتعتبر هذه الأدلة المرئية بعضاً من أولى الأدلة المستقلة التي تؤكّد الأماكن التي كانت القوات الإسرائيلية تعمل فيها ومدى تقدّمها داخل الأراضي اللبنانية.

بمقارنة تحليل صور الأقمار الصناعية التجارية من قبل وبعد الغزو الإسرائيلي هناك أماكن محدّدة حيث تمّ إنشاء مسارات جديدة للمركبات بالقرب من الحدود الفلسطينية- اللبنانية. على سبيل المثال، تُظهر الصور بالقرب من قرية يارون في لبنان، نقاط عبور محتملة للمركبات المدرعة الإسرائيلية إلى داخل لبنان.

كما يمكن تحديد المواقع من مقاطع الفيديو الذي نشرته القوات الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي، جنوداً إسرائيليِّين يدخلون مبنى في يارون، التي تبعُد حوالى ميل واحد عن الحدود.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو أنّ الجيش الإسرائيلي قد سوّى بالأرض أجزاء كبيرة من يارون وقرية حدودية ثانية قريبة، وهي مارون الراس.

“إسرائيل” توسع تحذيرات الإخلاء في الجنوب وتقصف قلب بيروت

الأسبوع الماضي أيضاً، أصدرت إسرائيل أمراً جديداً بالإخلاء لأكثر من 20 بلدة في جنوب لبنان، وصل إلى أماكن شمالية أكثر من التحذيرات السابقة. على الرغم من أنّه لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى تعتزم إسرائيل إرسال القوات البرية إلى جنوب لبنان، إلّا أنّ الأمر يوسّع المنطقة التي تسعى “إسرائيل” إلى إخلائها من السكان بمسافة تقارب 20 ميلاً شمالاً.

جميع البلدات التي شملها التحذير يوم الخميس تقع شمال نهر الليطاني، خارج منطقة عازلة أنشأتها الأمم المتحدة في نهاية حرب 2006.

يوم الأربعاء، قصفت “إسرائيل” حي الباشورة في بيروت، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص على الأقل، وفقاً للسلطات الصحية اللبنانية. ولم يسبق الغارة أي تحذير، وكانت الأقرب إلى وسط بيروت منذ عام 2006.

ضرب القصف على بُعد مئات عدة من الياردات من البرلمان اللبناني وعدة سفارات غربية. وشهدت الضاحية، وهي مجموعة من الأحياء المكتظة بالسكان في الضواحي الجنوبية لبيروت، ويُعتبَر “حزب الله” قوياً فيها، انفجارات كبيرة أخرى طوال اليوم.

الأرض الوعرة التي تقاتل فيها “إسرائيل” مع “حزب الله”

كانت “إسرائيل” و”حزب الله” يقاتلان على مسافات قريبة في جنوب لبنان يوم الأربعاء في منطقتَين على الأقل بالقرب من الحدود، وفقاً لتقارير من الجيش “الإسرائيلي” و”حزب الله” والجيش اللبناني.

كانت الاشتباكات المبلّغ عنها بالقرب من مناطق عسكرية مغلقة، حيث حشدت “إسرائيل” قوات ومعدات على جانبها من الحدود. وكان أحد المواقع التي أبلغ “حزب الله” عن القتال فيها، وهي مارون الراس، موقعاً لمعركة كبرى خلال آخر غزو إسرائيلي للبنان في عام 2006.

يُعدّ جنوب لبنان منطقة وعرة، مليئة بالوديان شديدة الانحدار التي يمكن للمدافعين فيها نصب الكمائن لجيش غازٍ، وهو عامل ربما شكّل التخطيط العسكري الإسرائيلي. وساعدت التضاريس الصعبة تاريخياً الفصائل في المنطقة على الدفاع عن نفسها.

الهجمات المتصاعدة عبر الشرق الأوسط

إنّه أحد أخطر اللحظات في الشرق الأوسط منذ حرب 1967: بعدما اغتالت “إسرائيل” زعيم “حزب الله” وبدأت غزواً برّياً للبنان، وردّت إيران بإطلاق ما يقرب من 200 صاروخ على “إسرائيل”. من المتوقع أن تردّ إسرائيل بضربة على إيران، ممّا يرفع احتمالية تصاعد الصراع بشكل أكبر.

تقاتل إسرائيل الآن على جبهات متعدّدة مع إيران ومِحوَر من الميليشيات المدعومة من إيران عبر لبنان وغزة واليمن وسوريا. يوم الأحد مطلع تشرين الأول، شنّت إسرائيل هجوماً صاروخياً على مدينة الحديدة الساحلية في اليمن، مستهدفة مقاتلي الحوثي هناك بعدما أطلق الحوثيون صاروخاً على تل أبيب.

في الوقت عينه، واصلت إسرائيل قصفها لغزة بضربات جوية، بما في ذلك استهداف مجمّع مدرسي تابع للأمم المتحدة أسفر عن مقتل 18 شخصاً في أيلول. قال الجيش الإسرائيلي إنّ الموقع كان يُستخدم كـ»مركز قيادة وتحكّم» تابع لحماس، وهو ادّعاء كرّرته لتبرير الضربات المتزايدة على المدارس التي تُستخدم كملاجئ.

 

“إسرائيل” تشنّ غزواً للبنان

عبرت القوات “الإسرائيلية” إلى جنوب لبنان في وقت متأخّر من يوم الاثنين الأول من تشرين الأول، في عملية استهدفت قوات “حزب الله” والبنية التحتية في المنطقة الحدودية الوعرة. وأمرت إسرائيل، بدايةً، السكان في أكثر من 20 بلدة بالانتقال إلى شمال نهر الأولي، الذي يبعُد أكثر من 15 ميلاً عن الحدود الفلسطينية.

لا توجد تفاصيل كثيرة معروفة حول أماكن عمل القوات البرية الإسرائيلية في لبنان أو مدى نطاق الغزو. لكنّ الجيش الإسرائيلي أعلن أنّ إحدى الفرق العسكرية – التي عادة ما تضمّ أكثر من 10,000 جندي – كانت تقوم “بغارات محدودة وموجّهة”، لكن من غير الواضح عدد الجنود الذين عبروا الحدود بالفعل. فيما أوضح مسؤولون أميركيّون أنّهم يعتقدون أنّ الغزو سيكون محدوداً.

تزامناً مع بداية الغزو، أعلن الجيش “الإسرائيلي” منطقة عسكرية مغلقة في أقصى شمال البلاد.

سبق أن احتلت إسرائيل أجزاء من لبنان. كان لديها قوات في جنوب لبنان من عام 1982 إلى عام 2000، وغزت لفترة وجيزة مرّة أخرى في عام 2006 خلال حرب استمرّت شهراً مع «حزب الله» أثّرت على بعض القرى نفسها التي طُلب من سكانها المغادرة.

غزو “إسرائيل” للبنان سبقته هجمات جوية مكثفة

كما شنّت إسرائيل واحدة من أعنف الغارات الجوية في الحروب الحديثة، ممّا ترك أجزاء كبيرة من جنوب لبنان في حالة خراب، وأُجبر عشرات الآلاف من الناس على الفرار. وأسفرت الهجمات عن استشهاد أكثر من 500 شخص في يوم واحد، وفقاً لوزير الصحة اللبناني. كما قُتل السيد حسن نصر الله، زعيم “حزب الله”، بالقرب من بيروت في غارة إسرائيلية ضخمة، واستمرت الضربات الإسرائيلية في قصف المنطقة جنوب بيروت في الساعات والأيام التي تلت الاغتيال.

قبل وبعد اغتيال السيد نصر الله، كانت الضربات الإسرائيلية تستهدف فقط جنوب وسط المدينة. لكن كانت غارة إسرائيلية في حَي الكولا في بيروت، المرّة الأولى التي تضرب فيها وسط المدينة منذ عام 2006.