تحذر مصادر مطلعة لصحيفة “الديار” من الهدوء الخادع في الضاحية الجنوبية وبيروت، ولفتت الى انه في غياب الاتصالات السياسية التي يمكن من خلالها ايجاد تفاهمات ضمنية لايجاد معادلات ميدانية موضوعية، فان تراجع الاستهداف الاسرائيلي يعود الى نية مبيتة لتوجيه ضربات كبيرة يجري التمهيد لها عبر اعادة جمع المعلومات الاستخباراتية بعدما استنفد “بنك الاهداف” الموضوع مسبقا، فالهدوء يسمح لتحرك اكثر فعالية للعملاء على الارض، وكذلك فان العدو يراهن ايضا على الاسترخاء الامني المفترض للطرف الآخر، لرصد اهداف جديدة لم تعد متوفرة الآن.
في هذا الوقت، لم تصل التحقيقات “الاسرائيلية” حول نجاح الطائرة المسيرة التي ضربت ثكنة لواء غولاني في حيفا الى نتائج حاسمة، وتم وصفها في وسائل الاعلام العبرية بالطائرة الشبح التي تعمل وفق نظام صواريخ كروز، وهي لم تتجاوز فقط أنظمة القبة الحديدية بل حتى رادارات المدمرات الغربية المتمركزة شرق البحر الأبيض المتوسط. ويبقى السؤال المثير كيف نجحت في تجاوز مختلف أنظمة الدفاع الجوي ونجحت في ضرب الهدف؟.
ولعل المقلق في هذه العملية لـ”إسرائيل” هو أن هذه المسيرة ربما مقدمة لأسلحة نوعية قد يكون تم الشروع في استعمالها بشكل محدود وقد يتضاعف استعمالها خلال الأيام المقبلة، لا سيما وأن هجمات المقاومة بدأت تصبح نوعية في الصواريخ الموجهة لأهداف إسرائيلية أغلبها عسكرية والآن بالمسيرات.
ويبدو أن رصد المسيرة ثم فقدان أثرها قد يكون سببه أنها مسيرة متطورة للغاية، تعتمد من جهة حمولة تفجيرية أكبر، وتتميز بالمناورة للإفلات من الرادار علاوة على سرعتها، وهذا يعني أنها تعتمد تقنية صاروخ كروز. وتكون هذه المسيرات أكثر فعالية في حالة استعمالها من طرف حزب الله بدل إيران والحوثيين نظرا للمسافة القصيرة بين كيان الاحتلال ولبنان. ولم يتوصل الاسرائيليون الى نوع المسيرة، وتعددت التحليلات فهي قد تكون شاهد 136 أو أبابيل ،وقد تكون ايضا من نوع “صياد 107” وهي من إنتاج إيراني ينتجها حزب الله أيضاً في لبنان.
يمكن تخطيط مسار “صياد” بحيث تغير ارتفاعها واتجاهها في أحيان متواترة، فيصعب كشفها ومتابعتها. وتصل إلى مسافة مئة كيلومتر، وهي صغيرة وتصدر صدى رادارياً ضعيفاً جداً بخلاف مُسيرات كبيرة مصنوعة من المعدن. ويتاح الكشف بالحرارة التي تصدر عن المحرك، وحتى هذه صعبة على الكشف بوسائل بصرية.
وفيما تعمل الصناعات الأمنية والجيش الإسرائيلي على ايجاد الحلول، الا ان المُسيرات المتفجرة الذكية التي ينتجها الإيرانيون مزودة بأجهزة توجيه بالقصور الذاتي، إضافة إلى التوجيه بالقمر الصناعي، ويمكنها مواصلة مسارها وضرب هدفها بدقة حتى مع وجود مشوشات “جي بي اس” من كل الأنواع تشوش عليها وتضللها، ولهذا لا حل حتى الان لمعضلة المسيرات.