| غاصب المختار |
لوحظت خلال اليومين الماضيين كثافة الحراك الأميركي، وارتفاع تصريحات مواقف المسؤولين الأميركيين حول وقف المواجهات العنيفة الدائرة بين وحدات المقاومة في الجنوب وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد تصاعد عمليات المقاومة وتوسيع ردودها على العدوان بكثافة بصواريخ ثقيلة وخفيفة طالت عمق الكيان الإسرائيلي، من عكا إلى حيفا ويافا (تل أبيب) ساحلاً وحتى سفوح جبل الشيخ ومرتفعات الجولان المحتل شرقاً مروراً بمرج ابن عامر ومثلث “كابري” وسواهما في الوسط.
ولولا استشعار الأميركي بحجم ردود المقاومة وطبيعتها وأخطارها وتأثيراتها على الكيان، لا سيما بعد استشهاد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، وتنامي الشعور بالزهو والانتصار لدى قيادة الكيان، لَمَا تحرك بهذه الكثافة، سواء عبر اتصالاته مع الدول العربية والغربية المؤثرة في الوضع اللبناني، أو اتصالات مباشرة بين وزير الخارجية أنطوني بلينكن والموفد الرئاسي آموس هوكشتاين بالرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وربما ببعض “الأصدقاء والحلفاء المخلصين في لبنان”. ذلك أن الأميركي، ومعه كيان العدو، أدركا أن “حزب الله” أعاد تنظيم هيكليته إلى حد كبير، واستجمع قدراته عبر كثافة الردود ونوعيتها. ودخلت فرنسا على خط الاتصالات عبر اتصال الرئيس إيمانويل ماكرون بالرئيس بري يوم السبت، مع فوارق في الأهداف والنوايا.
الهدف من هذه الاتصالات الأميركية ليس بحث سبل وقف الحرب، فقد باتت معروفة بالنسبة للبنان وتتلخص بوقف العدوان الإسرائيلي. لكن المهم أن يتفهمها الأميركي، ويضغط بالشكل الكافي والمؤثر على الإسرائيلي كما يضغط على لبنان.
وعلم موقع “الجريدة” من مصادردبلوماسية أوروبية، فإن الفارق بين المسعى الفرنسي والمسعى الأميركي كبير. الأول يريد فعلاً وقف الحرب وتطبيق القرار 1701 كاملاً، ومن الجهتين، ونشر الجيش بشكل أكبر في جنوبي الليطاني. والأميركي يريد وقف إطلاق النار لإراحة بنيامين نتنياهو من عبء الجبهة اللبنانية أولاً، وهو يسعى لمساعدته بتشجيعه على التفاوض تحت النار علّ الطرفين يصلان إلى مكسب ما سياسي وعسكري، تماماً كما ساعدت الإدارة الأميركية “إسرائيل” في حرب العام 2006، وارتكبت غلطة الاعتقاد بأن “حزب الله” سينتهي، وهي الآن ترتكب نفس الغلطة.
وتضيف المصادر: إن الأميركي يحاول، عبر اتصالاته مع لبنان، استثمار الميدان بتوسيع العدوان الجوي وشن العدوان البري واغتيال قادة في “حزب الله”، لفرض شروط سياسية ظهرت مؤشراتها في محاولة طرح العودة إلى القرار الدولي 1559 وليس القرار 1701 فقط، وكلاهما يعني الضغط السياسي والعسكري لنزع سلاح المقاومة، وفي الكلام عن محاولة لتسويق ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، مع علم الأميركي وغيره أن مثل هذا الترشيح بحاجة لتوافق سياسي غير متوافر حالياً. لذلك فالمحاولة الأميركي “حركة بلا بركة” لأن الأمرمتروك للميدان، ولعل الأميركي لم يتعلم من دروس حرب الـ 2006.
أما المسعى الفرنسي، بحسب المصادرالأوروبية، فيسعى بجدية لتوفير الاستقرار النهائي للبنان عبر وقف الحرب وإيجاد الحل السياسي لمنع تكرارها، ويحاول التأكد من فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، بعد الغموض الذي ساد فترة حول ما اذا كان ممكناً وقف العدوان على لبنان وتطبيق القرار 1701 بمعزل عمّا يحصل في غزة. ويبدو أن الرئيس الفرنسي ماكرون حصل في اتصاله بالرئيس بري يوم السبت، على جواب يقين تجلّى في المعلومات الرسمية التي صدرت عن عين التينة وفيها أن رئيس المجلس “أكد خلال الاتصال على الموقف الرسمي اللبناني الذي تبنته الحكومة اللبنانية، المُطالب بوقف فوري لإطلاق النار، ونشر الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار الأممي 1701”.
ولاحظت المصادر أن موقف بري لا ينفصل عن موقف “حزب الله” في هذه النقطة، حيث أن الحزب أكد أكثر من مرة تفويض الرئيس بري ما يراه مناسباً في موضوع التفاوض لوقف العدوان. ويبدوأن هذا الكلام لبري يريح الفرنسيين، ويسهّل عليهم استمرار الحركة الدبلوماسية لوقف الحرب.