| غاصب المختار |
منذ ان أفشل رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البيان الرئاسي الأميركي ـ الفرنسي المدعوم من ثماني دول عربية وغربية، وفرنسا تسعى عبثاً من أجل وقف إطلاق النار في لبنان وترتيب الأوضاع الداخلية اللبنانية رئاسياً وادارياً واقتصادياً، وتركت التنفيذ على عاتق القوى اللبنانية فصدرت ما سميت “خريطة الطريق” عن الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووليد جنبلاط، بعدما استشعرت باريس أن هناك “لعب من تحت الطاولة”، وأن ما تسعى إليه جوبه بعرقلة أميركية ضمنية وإسرائيلية واضحة.
وعلم موقع “الجريدة” من مصادر دبلوماسية أوروبية، أن فرنسا شعرت بإستياء كبير من الدور الأميركي بشكل خاص، المعرقل لما إتفق عليه الرئيسان إيمانويل ماكرون وجو بايدن في الأمم المتحدة، بحيث أن “الإدارة العميقة الأميركية” المؤيدة للكيان الإسرائيلي واظبت على دعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً، وسمحت “بالإفراج” عن كل العتاد العسكري والقنابل الثقيلة المدمرة التي وسعت بعدها إسرائيل غاراتها وضربت بالقنابل الأميركية الثقيلة لبنان مستخدمة أسلوب تدمير مناطقه منهجياً، من الجنوب إلى الشمال مروراً ببيروت والضاحية الجنوبية والبقاع، وحيث جاهر نتنياهو بعدها بأن القتال سيستمر وأن المفاوضات ستجري “تحت النار” والضغط العسكري، للقضاء على “حزب الله”، أو على الأقل الخلاص من كل قياداته وإضعاف قدراته العسكرية إلى الحد الأدنى إن أمكن.
وبالتوازي مع عمليات القصف التدميري، وافقت الإدارة الأميركية علناً على عملية التوغل البري في قرى الجنوب، ولو أنها “لطّفت” موقفها بالقول إنها ستكون محدودة ولفترة معينة، بينما سرّب الإعلام العبري معلومات مفادها أنه إذا دخلت القوات الإسرائيلية إلى الجنوب لن تخرج منه بسرعة حتى تحقيق مطالبها من لبنان، والتي ملخّصها “إبعاد حزب الله عن الحدود وتوفير العودة الآمنة للمستوطنين”.
ولهذه الأسباب، اعتبرت فرنسا أن الولايات المتحدة استخدمت أسلوب التحايل والمراوغة، بالتكافل والتضامن مع “إسرائيل”، لا سيما بعد الصمت الأميركي بداية على الغارات ثم تأييد عملية اغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله وقيادات أخرى رفيعة المستوى حزبياً وعسكرياً، تحت عنوان واضح استعمله المسؤولون الأميركيون “دفاع إسرائيل عن النفس وإراحة العالم من نصر الله”، ما منع نهائياً الحديث عن أي مفاوضات لاحقة وأطاح المساعي لوقف إطلاق النار، وعادت الكلمة للميدان كما ظهر بشكل خاص بعد التوغل البرّي الإسرائيلي.
وبعد الفشل الفرنسي، سواء في مجلس الأمن أو عبر المساعي الدبلوماسية المباشرة بإيفاد وزير الخارجية جان نويل بارو إلى لبنان الأسبوع الماضي، ومن ثم خلال اليومين المقبلين إلى الكيان الإسرائيلي، رمت باريس الكرة في الملعب اللبناني، مع علمها ان الداخل اللبناني ما زال عصيّاً على التجاوب مع المبادرات الجارية لتنفيذ القرار 1701 وانتخاب رئيس للجمهورية، واكتفت بالمساعدات التي حملها معه بارو لتلبية اجتياجات النازحين.
وقد ظهرت تباشير رفض خريطة الطريق الثلاثية فوراً، من خلال موقف “القوات اللبنانية” التي اعتبرتها نوعاً من التذاكي حسب بيان “القوات”، ورفضت، بحسب قول مصادرها لـ “الجريدة”: “ربط الانتخابات الرئاسية بوقف إطلاق النار في الجنوب، ورفض شرط توفير نصاب 86 نائباً، وعودة الكلام عن أن الوزير سليمان فرنجية هو مرشح توافقي”. وتوقفت المساعي عند هذا الحد.