| مرسال الترس |
منذ العام ألفين، شكّل “السيد الشهيد” المظلة الحقيقية للكيان اللبناني، شاء أعداءه أم أبوا، في وجه الأطماع والغطرسة الإسرائيلية، فتحوّل إلى الصخرة التي يجب إزاحتها لاستكمال رسم خرائط الشرق الأوسط ومحيطه، كما خطّط مهندسو إقامة الكيان اليهودي على أرض فلسطين منذ نحو مئتي عام.
منذ السابع والعشرين من أيلول الفائت، يعيش رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الزهو بأعلى درجاته، وبخاصة أن كافة الإحصاءات داخل الكيان تعطيه الأفضلية وبنسب عالية على كافة المرشحين لمنصبه، وتبعده عن التحقيقات القضائية التي كانت تلوّح له باحتمال دخوله السجن، كما حصل مع سلفه إيهود أولمرت قبل بضع سنوات.
وعلى هذه الخلفية، خرج نتنياهو يهدّد ويتوعّد، ويعود إلى النصوص التوراتية ليحقق حلم “الدولة من الفرات إلى النيل”، ويمنّي النفس بأنه حقّق الانتصار الذي كان يصبو إليه منذ انطلاق “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول عام 2023، على الرغم من كل الغيمة السوداء التي حامت فوق “أرض الميعاد”. وعلى هذا الأساس، سيسعى لاستكمال ضرب بنية “حزب الله” وانتزاع جذوره،حتى يرغمه على الخضوع أو الخروج من المشهد العسكري نهائياً، تمهيداً لإكمال وضع أوتاد رسم خرائط المنطقة و”إسرائيل الكبرى”.
ومن هذا المنطلق، سارع كبار المسؤولين الأميركيين، ومنهم وزير الدفاع لويد أوستن الذي أبلغ نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بأن واشنطن تؤيّد “تفكيك البنى التحتية الهجومية التابعة لـ”حزب الله” على طول الحدود اللبنانية”، مهدداً طهران بوجوب عدم التدخل. لأن الأميركيين رأوا أن الحزب بات مختلفاً عما كانوا يعرفونه منذ أسبوع واحد.
فهل اكتمل المشهد فعلاً، وبات على جميع العواصم أن تهيء نفسها للتوجه الى القدس المحتلة محملة بالهدايا الثمينة، لتقديم التهاني لـ “سادة المنطقة” في القرن الحادي والعشرين على الأقل؟
بعض الذين يحسنون قراءة تاريخ المقاومات في العالم، يجزمون بأنها ولاّدة ولا يمكن إطفاء جذوتها بمجرد استشهاد رمزٍ لها أو أكثر. وتبقى العبرة في من يواصل حمل الشعلة. ولذلك فالمسؤولية تقع بالدرجة الأولى على القيادة الجديدة للمقاومة في لبنان، والتي لم تكتمل هرميتها بعد، ومدى قدرتها واستعدادها لاستمرار مواجهة مخططات العدو .
فهل سينجح العالم، الذي تمسك أميركا بزمامه، في إقناع نتنياهو وحكومته المتطرفة بالذهاب إلى تسوية تفضي إلى حل الدولتين؟ أم سيفرض قادة العدو روزنامتهم على ذلك العالم، المتخاذل حتى الآن، وتجرّه إلى حرب عالمية ثالثة، أو على الأقل إلى حرب إقليمية مدمرة؟