استقرار حركة النازحين في إقليم الخروب: “أزمة الفرش” تُعيق التنظيم

جريدة الأخبار

| لينا فخر الدين |

بدأت شؤون النّازحين في مراكز الإيواء الواقعة في بلدات إقليم الخروب وقراه تأخذ طابعاً أكثر تنظيمياً، مع استقرار الأرقام الوافدة إلى المنطقة. ويقول مُتابعون إنّ عدداً قليلاً من الوافدين الجدد دخل أمس إلى المدارس، فيما خرج في المقابل عدد قليل منهم إلى شقق مستأجرة أو إلى منازل مضيفين في المنطقة وخارجها، لتستقر الأرقام على نحو 16 ألف نازح في الإقليم، منهم 6 آلاف نازحٍ في المدارس والمعاهد ومقرّات الجمعيات والمساجد والقاعات العامّة. وبقيت الكثافة في البلدات الكُبرى كشحيم وبرجا اللتين استقبلتا أكثر من 7500 نازح، استقروا في المراكز والمنازل.

ورغم استقرار الأرقام وبدء الفاعليّات الرسمية والحزبيّة والأهليّة في ترتيب الأمور بشكلٍ هادئ، إلا أنّ فداحة شح الفرش والبطانيّات لا تزال تعيق هذا التنظيم. وكما كان متوقّعاً، لم تُفلح جهود الأجهزة الرسميّة في تأمين الأعداد التي وُعد المعنيون بها خلال اليومين الماضيين، فكانت نسبة النّقص في الفرش كبيرة جداً، فعلى سبيل المثال وصلت إلى برجا 400 فرشة، في حين أنّ عدد الموجودين في مراكز الإيواء زاد على 1800 شخص، ومثلهم في منازل المضيفين من أبناء البلدة.

وتقول مصادر رسميّة إنّ عدم توفير هذه المسلتزمات كان من جراء العدد الكبير للنازحين الذي لم يكن مُقدّراً أن يكون بهذا الحجم، خصوصاً أن التقديرات استندت إلى أرقام النازحين خلال حرب تمّوز، فحجم الاعتداءات الإسرائيليّة في يومٍ واحد زاد الضغط، وأدّى إلى نزوح سكّان بعض المناطق البعيدة عن الحدود ممن لم ينزحوا عام 2006، عكس ما حصل اليوم. وتضيف «إنّ الأزمة الأساسيّة تكمن في أنّ الاعتداءات الإسرائيليّة طاولت عدداً من مصانع الفرش ومستورديها، كما حصل لأحد المصانع في منطقة سرعين في البقاع، فيما أقفلت مصانع أُخرى في البقاع والجنوب أبوابها خوفاً من استهدافها».

وعليه، يشير أحد رؤساء البلديّات إلى أنّ «أزمة النقص في الفرش هي ما يُشغل بالنا، ونُحاول بشتى الطرق تأمين الفرش والبطانيّات خصوصاً أنّ المال موجود، إلا أنّ المسلتزمات باتت مفقودة من السوق».

وهو ما يؤكده متطوّع من بلدة كترمايا في جمعيّة أهليّة، إذ يؤكد أن «كلّ شيء مؤمّن، والمواد الغذائية ومواد التنظيف تؤمّن بشكلٍ سهل باستثناء الخبز الذي لا يؤمّن بالشكل المطلوب بعدما تمنّعت المخابز عن تسليم محالّ المنطقة كميات كبرى»، شارحاً «أنّنا نحاول تنظيم صفوفنا لأنّ بعض الوجبات الساخنة في عدد من المناطق تكدّست لكثرتها، كما حصل في شحيم مثلاً حيث فاق الموجود العدد المطلوب».

ولذلك، بدأت فكرة إنشاء مطابخ مركزيّة تتبلور، بعدما عرض عدد من الجمعيات جهوزيته للبدء في تطبيقها، وهو ما سيحصل في بلدة برجا في اليومين المقبلين، وفق تأكيد أحد المسؤولين الحزبيين فيها.

ويُنتظر أن تحذو شحيم أيضاً حذو برجا وباقي المناطق، بعدما انشغل مسؤولوها أمس باجتماعات متتالية لخلية الأزمة المصغّرة لتنظيم شؤون النزوح في مراكز الإيواء، للانتقال في المرحلة التالية إلى توفير حاجات النازحين الموجودين في منازل المضيفين من أهالي البلدة.

اعتداء الجيّة لم يؤثّر

في المقابل، بدأ الهدوء يسيطر على مراكز الإيواء على عكس اليومين الماضيين، وهو ما يُريح الأعداد الكبيرة من النّازحين الذين اتصل بعضهم بأقاربهم بهدف الالتحاق بهم. وتقول إحدى السيّدات في البُرجين إنّ أقاربها من برج الشمالي سيصلون إلى المنطقة خلال ساعات بعدما تعرّضت بلدتهم للاعتداء أمس.

أصوات القصف التي تصل إلى المراكز في إقليم الخروب لم تدفع أحداً إلى المغادرة، إذ يقول «الحاج أبو رفيق» الستيني الموجود في سبلين: «نحن بأمانٍ هنا أكثر من قرانا التي تتعرّض لاعتداءات متكرّرة». وهو ما يؤكّده أحد المسؤولين الحزبيين الذي يلفت إلى أنّ الأعداد لم تتغيّر بعد الاعتداء الذي حصل على السعديات ليل أول من أمس وانتشار شائعات عن احتمال استهداف عدد من المشاريع السكنيّة، بل بالعكس ازدادت الأعداد بشكلٍ طفيف أمس مع قدوم عدد من النّازحين من بعض القرى الجنوبية التي تمّ استهدافها.

جون: لا حركة نزوح

وبينما كان بعض المتابعين ينتظر أن تستقبل مراكز الإيواء في المنطقة نازحين جدداً من بلدة جون الواقعة في تلال إقليم الخروب الجنوبي، أكّد متابعون أنّ حركة النزوح من قبل أهالي جون كانت شبه معدومة، ولكن بعض العائلات التي نزحت إليها انتقلت إلى بيروت، لافتين إلى وجود ما يُقارب 80 عائلة نازحة في مراكز البلدة، غادر نحو 7 منها إلى العاصمة بعد استهداف العدو أحد المنازل السكنيّة قيد الإنشاء عند مشارف البلدة، ما أدى إلى استشهاد صاحب المنزل، وهو مدني، وامرأة وابنتها نزحتا من بلدة جبشيت، إضافةً إلى عائلة سورية من 7 أشخاص كانت تقطن في المبنى.