/ حوراء زيتون /
دق اتحاد المخابز والأفران ناقوس الخطر، وأعلن الخبز سلعةً غذائية مهددةً بالانقطاع.
ليست المرة الأولى التي نصل فيها إلى حد التحذير من خطر الانقطاع الفعلي للخبز، لكن هذه المرة “ثمة قطبة مخفية” وفق ما يقول نقيب الأفران والمخابز في لبنان علي إبراهيم.
فمصرف لبنان لم يسدد ثمن القمح ـ الموجود أصلاً ـ واستلامه مرهونٌ بتوقيع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاعتمادات.
أزمة القمح في لبنان بدأت مع الانهيار المتسارع للعملة، وبدء المصرف المركزي الإنفاق من الاحتياطي الالزامي، ثم مع ارتفاع أسعار المحروقات وكلفة النقل، تفاقمت حدة أزمة الرغيف.
لم يعد مصرف لبنان قادراً على دعم القمح والمحروقات بنفس النسبة، رُفِع الدعم جزئيًا، وبين “لا مازوت” و”لا قمح”، اشتدت الأزمة، وصارت مرهونة بتواقيع سلامة على اعتمادات بواخر المحروقات والقمح.
لا خُبز بـ “ألف و500” بعد اليوم. بدأت رحلة ربطة الخبز نحو أسعارٍ لم يتوقعها أحد، حتى وصل سعر الربطة الكبيرة اليوم إلى 13 ألف ليرة لبنانية (ما يقارب عشرة أضعاف سعرها القديم).
اشتعال الأزمة في أوكرانيا، كثّف المخاوف من خطر حصول أزمة قمح في لبنان، لا سيّما أن نحو 80% من استيراد لبنان للقمح يتم من أوكرانيا. الحكومة طمأنت اللبنانيين أنه تم إيجاد أسواق جديدة لاستيراد القمح. ولكن ما لم تستطع الحكومة تجنبه هو الارتفاع العالمي لأسعار القمح بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في شباط المنصرم. هذا الارتفاع فاقم المشكلة، فلبنان أصلاً يعاني من ارتفاع أسعار الخبز، وعدم قدرة المصرف على دعم القمح.
أما اليوم، فقد استيقظ اللبنانيون على مناشدات الأفران، حيث طالب اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان الجهات المعنية في مصرف لبنان، وباقي الإدارات، تسهيل عملية إستيراد القمح، في ظل رفض سلامة تغطية دعم القمح خارج إطار “عقد الاستقراض” الذي يصرّ عليه كإطار قانوني تقترض الدولة بموجبه من مصرف لبنان لدعم القمح المستورد.
نقيب الأفران والمخابز: الرغيف “ما بينشغل فيه سياسة”
نقيب الأفران والمخابز في لبنان علي إبراهيم يقول إن المشكلة الأساس تكمن في فتح الاعتمادات من قبل المصرف المركزي. ويضيف: “القمح موجود والبواخر موجودة، بس المصرف يدفع بيمشي الحال”.
ولفت ابراهيم، في حديث خاص لموقع “الجريدة”، إلى أنه لا يستطيع أن يجزم كم ستكفي كمية القمح المتوفرة حالياً في المطاحن والمخابز والأفران، موضحاً أن ما يحصل مع الأفران اليوم شبيه بما حصل مع المحطات، “بأفران في وبأفران ما في، يمكن بمناطق يكفّي القمح أسبوع وبمناطق تانية يخلص من بكرا”.
وحذّر من أن ثمة مطحنة متوقفة عن العمل منذ أسبوع، لافتاً إلى أن هناك ثلاث مطاحن أخرى تعتمد على هذه المطحنة لتأمين حاجتها من القمح.
كما اعتبر ابراهيم أن وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام يقوم بواجبه، وتبقى المشكلة “عند المصرف”.
وعن اختلاف هذه الأزمة عن ما سبقها من أزمات، قال إبراهيم: “في المرات الماضية كانت أزمة اعتمادات، وهذه المرة أيضاً، لكن الفرق أنه في هذه المرة ثمة ما يُحاك، وثمة قطبة مخفية، والأكيد أن ثمة مآرب سياسية”، وقال “الرغيف ما بينشغل فيه سياسة”.
واستبعد ابراهيم سيناريو رفع الدعم الكلي عن القمح، معتبراً أنه ليس هناك من يتحمّل تبعات قرار كهذا: “مين هو يللي بيحمل انو يعمل ربطة الخبز ب30 ألف؟”
على الجهة المقابلة، يتمسك سلامة برفضه التوقيع، في ظل ربط جهات مطلعة على الملف، بين الحرب القضائية المصرفية وتأخيره لبعض الاعتمادات. فهل تعود طوابير الخبز أمام الأفران؟
لا تختلف “بكرا بيتعودوا” القرن الواحد والعشرين، عن “فليأكلوا البسكويت” القرن السابع عشر. إنه الجبروت الأبله عينه، والاستخفاف الأحمق. الجبروت الذي يجعل المرء يتوهّم لحظةً أن الطوفان إذا حدث، سيستثنيه. والاستخفاف الذي يجعله يظن أن النار التي يتفنن بإشعالها، لن تحرقه يوماً. على شكل ملاحقاتٍ قضائية ربما..