رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” عالقة بين صواريخ “إسرائيل” و”حزب الله”، وتبحث أحياناً عن ملجأ لها أثناء الحروب المتقطعة بين الجانبين، بدلاً من ممارسة مهامها في مراقبة وقف إطلاق النار.
وأوضحت الصحيفة أن قوات “اليونيفيل” كانت، لسنوات، تراقب اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و”إسرائيل”، والذي كان صامداً إلى حد كبير منذ عام 2006، لكن منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان القتال بين “إسرائيل” و”حزب الله” عبر الخط الأزرق (وهو الترسيم غير الرسمي بين لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي)، مستمراً إلى حد كبير، وهدد في بعض الأحيان بالتحول إلى حرب شاملة.
وقال المقدم الإسباني خوسيه إيريساري، وهو من الوحدة الإسبانية في “اليونيفيل” لمراسل الصحيفة الذي كان يرافقه في دورية حديثة عندما بدا أن الحرب قد تراجعت قوله: “إن هناك لحظات يسود فيها الهدوء، ثم فجأة: يومان من القتال المتواصل”.
وأضافت الصحيفة أنه مع فرار المدنيين على جانبي الحدود بأعداد كبيرة، تحول موقف “اليونيفيل”، من مراقبة الانتهاكات على الحدود إلى القيام بدوريات على جبهة القتال، وهو دور محرج، حيث قال إيريساري “لا نتصرف ضد أحد، ولكن إذا لم تكن اليونيفيل هنا، فأنا متأكد من أن الموقف سوف يتصاعد، لن يكون لدى أحد حاجز حقيقي ليوقفه”.
وتابعت الصحيفة إن القوة – التي تأسست في عام 1978 لمراقبة انسحاب “إسرائيل” من لبنان – تعمل في الصراع الحالي على تهدئة التوترات من خلال تمرير الرسائل بين الجيشين اللبناني و”الإسرائيلي” بعدما تم تعليق آلية الوساطة الأكثر رسمية، والتي جمعت المسؤولين العسكريين الإسرائيليين واللبنانيين في نفس الغرفة مع “اليونيفيل”، منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ونقلت الصحيفة عن ثاناسيس كامبانيس، مدير “مركز القرن الدولي للأبحاث والسياسات”، قوله إن هذه القوة كانت تهدف إلى أن تكون نموذجاً لإدارة الصراع وتجنب التصعيد غير المقصود، وليس لحل الصراع المتعمد أو القائم على عدم الثقة وسوء التقدير.
وذكرت الصحيفة أن المخاوف من اندلاع صراع أوسع نطاقًا بلغت ذروتها هذا الصيف.. ففي الثلاثين من تموز/يوليو الماضي، اغتالت “إسرائيل” أحد كبار قادة “حزب الله” في ضواحي بيروت.
وبعد أقل من شهر، في الخامس والعشرين من آب/أغسطس الماضي، تبادل “حزب الله” و”إسرائيل” أعنف نيران الحرب، بدءًا بضربات إسرائيلية في الصباح الباكر على جنوب لبنان، وصفتها القوات الإسرائيلية بأنها “استباقية”.
وفي ذلك الصباح، باتت قوات حفظ السلام التابعة لـ”اليونيفيل” في أعلى مستويات التأهب، وهو المستوى الثالث، الذي يتطلب منهم الاحتماء في مخابئ تحت الأرض، وفقًا للكابتن ألفونسو ألبار، وهو عضو آخر في الوحدة الإسبانية، قائلاً لمراسل الصحيفة: “كنا في المخبأ لمدة خمس ساعات، وكان بوسعنا سماع الكثير من الصواريخ.”
وفي بعض الأحيان، كانت قوات حفظ السلام تتلقى تحذيراً يشير إلى أن “إسرائيل” تستعد للضرب، إي إشعار غامض بضرورة رفع مستوى التهديد. وفي بعض الأحيان، لم يحدث أي هجوم، مما يشير إلى أن بعض التحذيرات على الأقل كانت خدعة في ساحة المعركة، كما قال المسؤولون.
وعندما لا يكون جنود حفظ السلام في حالة تأهب قصوى، فإنهم يقومون بدوريات على طول الخط الأزرق، وهو الحدود المؤقتة التي تم التفاوض عليها والتي أنشئت بعد انسحاب “إسرائيل” من لبنان في عام 2000.
وقالت المتحدثة باسم “اليونيفيل” كانديس أرديل: “إن حجم الانتهاكات هائل”. وعلى الرغم من القصف، لا يزال جنود حفظ السلام ينسقون بين الجيشين “الإسرائيلي” واللبناني لتسهيل المهام اليومية في منطقة الحدود، مثل مكافحة الحرائق أو إصلاح المرافق، حسبما نقلت الصحيفة.
وتقع قاعدة الكتيبة الإسبانية، على بعد بضع مئات من الأمتار من الخط الأزرق، بالقرب من الزاوية حيث تلتقي حدود سوريا ولبنان مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. ومن أبراج الحراسة، يمكن لقوات حفظ السلام رؤية المخابئ العسكرية الإسرائيلية والمواقع التي يطلق منها “حزب الله” النار ومرتفعات الجولان المحتلة من قبل “إسرائيل”، فيما ينتمي ستة وثلاثون عضوًا من الكتيبة التي يبلغ عدد أفرادها 109 أفراد إلى السلفادور.
ولم تتعرض القاعدة للقصف خلال الصراع الحالي، ولم يُقتل أي من قوات حفظ السلام التابعة لـ”اليونيفيل” والتي يزيد عددها عن عشرة آلاف فرد، فيما تقدم “اليونيفيل” المساعدات الإنسانية، بما في ذلك للمدنيين المعرضين لخطر العنف الوشيك، حيث لجأ المدنيون مرتين على الأقل خلال الصراع الحالي إلى منشآت “اليونيفيل” في منطقة الكتيبة الإسبانية.