| أسماء إسماعيل |
منذ عام 2020، لم يتم تجديد عقد العمل الجماعي بين نقابة موظفي المصارف وجمعية أصحاب المصارف. النقابة بذلت جهوداً كبيرة للتفاوض مع الجمعية، إلا أن هذه الأخيرة «تتعمّد تعطيل توقيع العقد باستخدام ذرائع داخلية لا علاقة للموظفين بها» بحسب رئيس النقابة إبراهيم باسيل. تتذرّع الجمعية بأن انتخاباتها معطّلة منذ نحو سنتين بسبب تعطيل نصاب الجلسات وانقسام أعضاء الجمعية بين المصارف الكبرى وبين المصارف الصغرى والمتوسطة التي ترفض تمديد ولاية المجلس الحالي.
فالجمعية، بهذا المعنى، تأخذ الموظفين رهينة صراعاتها الداخلية المتصلة بمن اغتنى أكثر من الآخر ومن يجب أن يدفع فاتورة الخسارة أكثر من غيره. في المقابل، يعاني الموظفون من «وضع غير إنساني وغير عادل، إذ إن الرواتب المدفوعة اليوم لا تتجاوز 30% ما كانت عليه قبل الأزمة. من غير المقبول أن يكون راتب موظف مصرفي في لبنان أقل من 500 دولار» يقول باسيل. التضخّم في الأسعار أصاب القدرة الشرائية للموظفين، كما أصاب غيرهم من المقيمين في لبنان، لكنّ مدخراتهم هي الأخرى محجوزة لدى المصارف مثلهم مثل سائر المودعين. والتقديمات المنصوص عنها في عقد العمل الجماعي باتت غير ذات قيمة، أما ما يتفق عليه من خارج العقد فهو خطوات استنسابية تتحكّم فيها الجمعية وكل مصرف يطبّقها تبعاً لرغباته. وفي هذا الوقت، تواصل المصارف صرف الموظفين بالجملة بتعويضات بائسة وبخسة، إذ لم يتفق على بروتوكول صرف موحّد بعد. في ظل هذا الواقع، هناك ضرورة ملحّة لتوقيع عقد جماعي ملزم يحكم العلاقة بين الموظفين والمصارف، علماً أن «بعض المصارف أعطت موظفيها تقديمات أكبر مما أوصت به الجمعية» وفقاً لباسيل.
في سياق الحقوق التي يفترض أن يحفظها عقد العمل الجماعي، يشير باسيل إلى أن «أكلاف التعليم ارتفعت بنسبة 200%، وأصبحت المدارس والجامعات تطلب الأقساط بالدولار الفريش. لذا، فإن الموظفين لم يعد بإمكانهم تحمّل هذه الأعباء، ولا سيما أن معظمهم يتقاضى رواتب منخفضة جداً». واستدراكاً لهذا الوضع، قدمت النقابة لجمعية المصارف أكثر من مقترح يهدف إلى تحسين هذه التقديمات، إنما لم تلقَ النقابة أي تجاوب. «جمعية المصارف أجابت بتوصية هزيلة في ما يتعلق بالمنح المدرسية، ونحن لم نعد نرغب بالتوصيات، بل ما نريده هو عقد ملزم يشمل تقديمات واضحة وملزمة لجميع المصارف»، مؤكداً أنه «لو تم إقرار زيادات للمدارس بقيمة 2500 دولار وللجامعات بقيمة 4500 دولار، كنا سنتمهل في التصعيد ونتفاوض على باقي الأمور. ولكن الوضع أصبح غير محتمل، والموظفون خنقوا ولن ينتظروا طويلاً».
ما لم يتم التوصل إلى حلّ سريع، يبدو أن التصعيد بات قريباً. فالنقابة دعت إلى عقد جمعية عمومية في 22 أيلول لاتخاذ القرارات بناءً على تطورات المفاوضات مع جمعية المصارف. علماً أن «وزير العمل مصطفى بيرم أصبح على دراية بالوضع، وقد طلبنا وساطته في هذا الأمر. الوزير أبدى تجاوباً ملحوظاً وتفاجأ بمطالبنا التي يرى أن المصارف قادرة على تلبيتها» بحسب باسيل. لكن هذا لا يمنع «استعداد النقابة لاتخاذ خطوات تصعيدية إذا استمر تعنّت جمعية المصارف. نحن، إلى جانب جمعيات المودعين، والمتقاعدين من الجيش، تجمعنا مصيبة احتجاز الودائع. كما أن أكثر من 50% من موظفي المصارف تركوا القطاع، إما بالصرف أو بتغيير المهنة. الموظفون الذين ما زالوا في المصارف لم يعد لديهم شيء يخسرونه، وهم على استعداد للالتزام بأي قرارات تصدر عن الجمعية العمومية».