يتردّد داخل أروقة المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى أنّ اللجنة الشرعيّة التي يرأسها رئيس المحكمة السنيّة الشرعيّة العُليا، الشيخ محمّد عساف، تضع اللمسات الأخيرة على مسوّدة لتعديل المرسوم 18/1955 الذي يُنظّم شؤون دار الفتوى وأمور الطائفة السنيّة، وتحديداً المادّة 27 التي تتعلّق بصلاحيّات أمين الفتوى في حال غياب مفتي الجمهوريّة أو وفاته، وتنصّ على أنّ “أمين الفتوى (…) يقوم مقام مفتي الجمهوريّة أثناء غيابه عن البلاد أو مرضه طويل المدى أو عندما يتعذّر عليه القيام بمهام منصبه…”.
ويعود المعنيون إلى طرح هذا التعديل من جديد، في ظلّ تخوّف لدى بعض الجهات الدّاخلية والخارجيّة من أيّ طارئ يجدّ على دريان (كما حصل منذ نحو عامين) وتكون نتيجته انتقال صلاحياته إلى أمين الفتوى، الشيخ أمين الكردي الذي يحسبه هؤلاء من حصّة “الإخوان المسلمين”، علماً أنّ الكردي أكّد في أكثر من مناسبة أنّه غير مقرّب من أيّ جهة سياسيّة وغير محسوب على “الإخوان”، بحسب صحيفة “الأخبار”.
وينصّ التعديل (الذي يُقال إن عضو المجلس نقيب المحامين السابق محمد المراد، يُشرف عليه من النّاحية القانونيّة)، على أن يقوم رئيس الحكومة العامل بتعيين أحد المشايخ مكان المفتي (في حال غيابه أو وفاته) لمدّة 6 أشهر قابلة للتجديد، حتّى تؤول إليه صلاحياته، وذلك بانتظار انتخاب مفتٍ جديد. ويشير بعض أعضاء اللجنة (جميعهم محسوبون على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان) إلى أنّهم بصدد تمرير التعديلات على جزء من أعضاء المجلس من أجل نيْل موافقتهم المُسبقة وتأمين الأكثريّة لإقراره في المجلس، من دون مناوشات تُذكر خلال الجلسة.
يُذكر أنّه كان من المفترض تمرير هذا التعديل خلال جلسة التمديد لدريان ومفتي المناطق السنة الماضية، إلا أنّه لاقى الكثير من ردود الفعل الغاضبة التي رفضت تدخّل رئاسة الحكومة في أمور الدّار والعلماء، واتهامات بأنّها تهدف إلى “علمنة الدار”، كالتعديلات التي كان قد طرحها منذ سنوات الرئيس فؤاد السنيورة ورفضها المفتي السابق الشيخ محمّد رشيد قباني، ما أدّى إلى تدهور العلاقات بينهما.
إلى جانب ذلك، وفي ما يشبه كلمة السر، ركّز العديد من خطب الجمعة أمس وبيانات أصدرتها جمعيّات وشخصيّات إسلاميّة على الردّ على رئيس جمعية “قولنا والعمل” الشيخ أحمد القطان الذي انتقد وجود مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحيداً في تشييع الرئيس سليم الحص، من دون أن يصطحب وفداً من المشايخ، إضافةً إلى غياب دريان التام عن أي نشاط أو تحرّك دعماً لغزة. وطالب بعض المُنتقدين دريان والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى باتخاذ إجراءات عقابيّة بحق القطّان.
في المقابل، وجّه الأمين العام لهيئة الشؤون الاجتماعية في بيروت (المجموعة الأهلية البيروتية للإغاثة)، محمّد صالح الحبّال، كتاباً إلى دريان بعنوان «صرخة ضمير لنصرة أهلنا في أرض الرباط»، جاء فيه: “أمَا آن الأوان للدعوة إلى لقاء إسلامي وطني لإطلاق صرخة، ولو بالكلمة الجريئة، وبصوتٍ عالٍ لكسر جدار الصمت الرهيب المطبق على قرارنا الشرعي”، داعياً دار الفتوى إلى “احتضان لقاء للفاعليات الإسلامية السنيّة من وزراء ونواب وعلماء واتحادات وجمعيّات لدعم أهلنا وإخواننا في غزة”.