أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا لا تتبع سياسة التخلي عن الدولار، لكن حظر التعاملات بالعملة الأميركية دفعها إلى استخدام عملات أخرى.
وقال الرئيس الروسي، في كلمة بالجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي المنعقد هذه الأيام في مدينة فلاديفوستوك الروسية، إن “الولايات المتحدة رفضت تقديم خدمات الدولار لروسيا، معتقدة أن كل شيء سينهار في روسيا”.
ولفت بوتين في حديثه إلى أن عملة بلد معين تعكس القوة الاقتصادية لهذا البلد، فكلما زاد عدد الشركاء الاقتصادين لهذا البلد ارتفع الطلب على عملته.
وأوضح أن نتائج الحرب العالمية الثانية ساعدت الدولار على تعزيز مكانته في الاقتصاد العالمي، وقال: “بعد الحرب العالمية الثانية، استفادت الولايات المتحدة من نتائج هذه الحرب في المجال الاقتصادي، ونفذت خطة “مارشال في أوروبا”، وأنشأت نظاماً عالمياً واحداً، وهو “بريتون وودز” (الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي)، ثم تم إصلاحه قليلا وأنشأت عملة عالمية واحدة وهي الدولار. إلا أن الوضع في الاقتصاد العالمي يتغير في وقتنا، فدول الجنوب تمثل أكثر من 50% الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في حين تمثل دول “بريكس” قرابة ثلث الاقتصاد العالمي”.
وأضاف الرئيس الروسي قائلاً إن “الاقتصاد الصيني من حيث القدرة الاستهلاكية هو الاقتصاد الأول في العالم (بناء على تعادل القوة الشرائية)، والاقتصاد الأميركي هو الثاني، والفرق بينهما يتسع عاما بعد عام، والهند هي الثالثة، وروسيا هي الاقتصاد الرابع، تلينا اليابان”.
كما لفت إلى أن روسيا وشركاءها في مجموعة “بريكس” يستخدمون العملات الوطنية في الحسابات التجارية، والتي ازداد تداولها.
ورأى بوتين، أمام منتدى اقتصادي في الشرق الأقصى الروسي، أن “هدف أوكرانيا من مهاجمة منطقة كورسك الروسية كان إثارة التوتر لدينا وجعلنا مضطرّين لإعادة نشر قواتنا من منطقة إلى أخرى ووقف هجومنا في المناطق الرئيسية، خصوصاً في دونباس التي يمثّل تحريرها أولويتنا”.
وأكد أن ” قواته المسلّحة نجحت في تثبيت الوضع ودفع الجيش الأوكراني إلى التراجع تدريجاً” من منطقة كورسك الروسية.
وفي سياق متصل، كشف الرئيس الروسي أنّه مستعدّ لإجراء مفاوضات مع كييف على أساس المحادثات التي عُقدت في ربيع العام 2022، إذا طلبت أوكرانيا ذلك.
وفي حديثه عن تطورات العملية العسكرية الخاصة، أكد بوتين أن الأولوية فيها لتحرير دونباس، وقال إن روسياً ستدافع دائماً عن مصالح أولئك الناس في أوكرانيا الذين يتمسكون باللغة والتقاليد الروسية.
وأشار بوتين إلى أن هجوم أوكرانيا على المناطق الحدودية الروسية فشل في تحقيق أهدافه، ويجري العمل على طرد القوات من أراضي البلاد.
إلى جانب ذلك، تطرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته خلال الجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي في فلاديفوستوك، إلى موضوع المفاوضات مع أوكرانيا وكشف سبب تعطيلها.
وقال الرئيس الروسي، إن لديه “إحساساً بأن من يحكمون أوكرانيا هم من كوكب آخر. الآن يجب عليهم أن يقوموا بالتعبئة الشاملة، ثم بخفض سن التجنيد، وإنشاء كتائب مثل “شبيبة هتلر”، إنهم يخدعون شعبهم، ويتخفون وراء الشعارات القومية الرنانة”.
وأضاف: “تحدثت كثيراً عن المفاوضات، كنا قد وصلنا إلى حل كافة المعايير الخاصة بالعملية السلمية مع ممثلي كييف، واتفقنا على كل شيء. بل وقد وقع رئيس وفد الأوكراني في المفاوضات، الذي لا يزال يترأس الكتلة الحزبية الحاكمة في برلمان أوكرانيا، على مسودة هذه الاتفاقيات. كان من المطلوب استكمال هذه الاتفاقيات، إلا أن السيد (بوريس) جونسون عطل الاتفاق والسلطات البريطانية لا تنكر هذا، وطالب جونسون بالقتال حتى آخر أوكراني “لإلحاق الهزيمة الاستراتيجية بروسيا”، والسلطات الأوكرانية أعلنت أنها لو لم تطع الرعاة، لما كان الأمر قد تدهور على هذا النحو”.
وشدد الرئيس بوتين، على أنه “كان قد تم الاتفاق على الوثائق والتوقيع عليها في إسطنبول، ونحن لم نعترض على المفاوضات، بل هم من انسحبوا من تلك المفاوضات”.
وأضاف الرئيس بوتين، أنه يبقى على اتصال مستمر بقادة الدول الصديقة، ونوه بوجود نية حقيقية لديهم لحل هذه الأزمة المعقدة، وقال الرئيس الروسي: “أود التذكير هنا أن كل شيء بدأ بالانقلاب الذي وقع في كييف عام 2014، يتحدثون الآن عن حقوق الإنسان، وعن مبادئ القانون الدولي التي يجب أن نلتزم بها. فماذا عن هذا الانقلاب. إن هذا هو ما أدى إلى أن جزءا من سكان أوكرانيا بدأوا في السعي للحصول على حقوقهم”.
وأكد الرئيس بوتين أن “الجانب الروسي، يعرف حق المعرفة مع من يتعامل. مع الذين لا يحترمون مصالح الدول الأخرى، ومن يخرقون كل الالتزامات حتى بعد توقيعهم على الوثائق، لذلك يجب بهذا الصدد البحث عن ضمانات. الضامن الأساسي لأمن روسيا هو نمو الاقتصاد والقدرات العسكرية الروسية، وبناء العلاقات المستقرة مع شركائنا وأصدقائنا”.
ومن الجانب الآخر، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متهكماً إن روسيا تدعم المرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بعد استبعاد الرئيس الحالي جو بايدن من السباق الانتخابي.
وتابع: “كنا سابقاً اخترنا الرئيس الحالي جو بايدن كمرشح مفضل، وهو الآن قام بدوره باختيار نائبته كامالا هاريس لخلافته في الترشح، لهذا فنحن أيضاً سنختارها”، مضيفاً: “ضحكتها معدية، وتعطي انطباعاً بأن “كل شيء على ما يرام”، لهذا فنحن سنحول اختيارنا نحوها”.
وأوضح بوتين أن “الانتخابات الرئاسية الأميركية هي خيار الشعب الأميركي”.
وفيما يخص الحرب “الاسرائيلية” على غزة، شدد الرئيس بوتين، على أن موقف روسيا خلال ذلك، ليس آنياً بطبيعته، بل استند دائماً إلى القرارات التي اتخذت في وقت سابق والتي، يجب أن تشكل أساس التسوية.
وأضاف: “يكمن الحل في قيام دولتين مستقلتين، بالمناسبة، هذا الموقف ينال تأييد الكثيرين في العالم، بما في ذلك، في الولايات المتحدة، لكن للأسف لم يتم حل هذه المشكلة، وهذا هو بالتحديد ما يشكل جوهر تفاقم الوضع في الشرق الأوسط اليوم”.
وأكد بوتين أن “عدم وجود موقف محايد من جانب الولايات المتحدة في موضوع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يشكل مشكلة أمام الحل”.
ولفت الرئيس بوتين إلى أنه تقابل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مضيفاً: “سوف نسعى للإسهام في التوصل لحل المشكلة. من جانب آخر نحن نقدم الدعم الإنساني، ونحاول حل مشكلة الأسرى، ونتوصل إلى بعض النتائج في هذا المسار، وسنواصل المحاولة”.
كما علق الرئيس فلاديمير بوتين على اعتقال مؤسس منصة التواصل الاجتماعي تلغرام بافل دوروف في باريس مؤخراً، مستغرباً لماذا لا يعاقب الآخرون على نفس الذنوب المنسوبة لدوروف.
وقال الرئيس الروسي، إنه التقى قبل سنوات عديدة في موسكو مع مؤسس “تلغرام”، الذي تحدث خلال ذلك اللقاء عن خطط لتطوير أعماله.
وأضاف الرئيس بوتين: “لقد التقيت بالسيد دوروف مرة واحدة في موسكو منذ سنوات عديدة، وخلال اللقاء تحدث عن خططه اللاحقة. أنا أتقابل مع رجال الأعمال وممثلي البزنس بشكل دوري”.
ووفقاً للرئيس بوتين، كان هناك اجتماع واحد مع دوروف في الكرملين منذ سنوات عديدة. وأشار رئيس الدولة إلى أنه لم يتواصل مع دوروف منذ تلك اللحظة، وأكد أنه لم يلتق مع دوروف في باكو ولم يكن يعلم حتى بوجوده هناك، مشدداً على عدم وجود أية مآخذ لدى السلطات الروسية ضد دوروف، وذلك بخلاف سلطات الدول الأخرى.
ووصف بوتين قرار فرنسا باعتقال دوروف بأنه تصرف انتقائي و”غير مفهوم بتاتاً”، نظراً لأن منصات التواصل الأخرى “ترتكب الذنوب” أيضاً كما و”تلغرام”.